للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} (١) مفهومه أنها كانت قبل ذلك محرمة، فدل ذلك على أن الأشياء قبل الشرع على الحظر.

أجيب (٢) عن الاستدلال بالآيتين: أن الثابت في دليل الخطاب إنما هو النقيض لا الضد، ونقيض الحلية عدم الحلية، وعدم الحلية أعم من التحريم، فالدال على الأعم غير دال على الأخص (٣).

وأما دليل أبي الفرج المالكي القائل بالإباحة مطلقًا: فقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٤)، وقوله تعالى: {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (٥).

وذلك يدل على الإذن في الجميع.

وأجيب عن الاستدلال بالآيتين بأنه يحتمل أن يكون خلقها للاعتبار لا للتصرف فيها (٦)، أي: ليعتبر بها (٧) ويستدل (٨) بها على وجود الخالق، ووحدانيته، وقدمه، وبقائه، وصفاته جل وعلا لا ليتصرف فيها.

قال المؤلف في الشرح: من قال من أهل السنة بأن الأشياء قبل الشرع


(١) سورة المائدة آية رقم (١).
(٢) في ز: "وأجيب".
(٣) ذكر هذا الجواب المسطاسي في شرح التنقيح ص ٥٦.
(٤) سورة البقرة آية (٢٩).
(٥) سورة طه آية (٥٠).
(٦) "فيها" ساقطة من ز.
(٧) في ز: "لنعتبر بها"، وفي ط: "لتعتنبر".
(٨) في ز: "ولنستدل".