للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المؤلف في الشرح: الاستدلال بقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} لا يتم إلا بمقدمتين، فإنه لا يلزم من نفي التعذيب نفي (١) التكليف لاحتمال أن يكون المكلف أطاع فلا تعذيب، مع أن التكليف واقع، أو يكون المكلف عصى، ولكن وقع العفو عنه بفضل الله، أو بالشفاعة، فلا بد من مقدمتين لينتهض (٢) الاستدلال بالآية: المقدمة الأولى: قولنا: لو كلفوا قبل البعثة لعصوا (٣) عملاً بالغالب، فإن الغالب على العالم العصيان، لقوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} (٤)، وقوله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (٥).

المقدمة الثانية: قولنا: لو عصوا (٦) لعذبوا عملاً بالأصل؛ لأن الأصل ترتب المسبب على سببه، فالعصيان (٧) سبب التعذيب، فترتيب القياس إذًا: لو كلفوا لعصوا، ولو عصوا لعذبوا، فالعذاب لازم لازم التكليف، ولازم اللازم لازم، فانتفاء اللازم الآخر (٨) يقتضي: انتفاء الملزوم الأول، فيلزم من انتفاء العذاب قبل البعثة انتفاء التكليف قبل البعثة، وهذا معنى قولي: نفي


(١) في ط: "بعد التكليف".
(٢) في ز: "لينتظم".
(٣) في شرح التنقيح للقرافي: "لتركوا".
(٤) سورة الأعراف آية رقم (١٠٢).
(٥) سورة الأنعام آية رقم (١١٦).
(٦) في شرح التنقيح للقرافي: "لو تركوا لعوقبوا".
(٧) في ط وز: "المعصية".
(٨) في ط: "الأخير".