للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(المتن)

وَنُدِبَ لِيُشَهِّرَ عِلْمَهُ كَوَرعٍ، غَنِيٍّ، حَلِيمٍ، نَزْهٍ، نَسِيبٍ، مُسْتَشِيرٍ: بِلَا دَيْنٍ وَحَدٍّ، وَزَائِدٍ فِي الدَّهَاءِ، وَبِطَانَةِ سُوءٍ، وَمَنْعُ الرَّاكِبِينَ مَعَهُ، وَالْمُصَاحِبِينَ لَهُ، وَتَخْفِيفُ الأَعْوَانِ، وَاتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ بِمَا يُقَالُ فِي سِيرَتِهِ، وَحُكْمِهِ، وَشُهُودِهِ، وَتَأْدِيبُ مَنْ أَسَاءَ عَلَيهِ، إِلَّا فِي مِثْلِ: اتَّقِ اللهَ فِي أَمْرِي، فَلْيَرْفُقْ بِه، وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ إِلَّا لِوُسْعِ عَمَلِهِ فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ، مَنْ عَلِمَ مَا اسْتُخْلِفَ فِيهِ، وَانْعَزَلَ بِمَوْتِهِ، لَا هُوَ بِمَوْتِ الأَمِيرِ، وَلَوِ الْخَلِيفَةُ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَهُ لأَنَّهُ قَضَى بِكَذَا.

(الشرح)

قوله: (وَنُدِبَ ليَشْتَهِرَ (١) عِلْمَهُ) يريد: أن من كان عالمًا، وقد خفي علمه عن الناس، لكونه غير معروف فإنه يستحب له طلب القضاء؛ ليشهره للناس فيفتي المسترشد، ويعلم الجاهل.

قوله: (كَوَرع غَنِيٍّ، حَلِيمٍ، نَزْهٍ، نَسِيبٍ، مُسْتَشِيرٍ) أي: ومما يستحب في القاضي أن يكون ورعًا، غنيًا، حليمًا، نزهًا، نسيبًا، مستشيرًا (٢)، فاحترز بالورع من غيره، وبالغني من الفقير؛ لأن الفقير تتطرق إليه مقالة السوء، وتكثر فيه، وبالحليم من غيره، ويعني به ما لَمْ ينتهك (٣) حرمة الشرع، وانظر ما الفرق بين النزه، والورع، والنسيب: هو المعروف النسب، من ألفاظ المبالغة كسميع، عليم، وبصير ومستشيرًا، أي لأولي العلم؛ لأن ذلك أعون له على حصول الصواب.

قوله: (بَلا دَيْنٍ) أي: لأن المديان منحط الرتبة لا سيما عند أرباب الديون.

قوله: (وَحَدٍّ) أي: أن لا يكون محدودًا في قذف، أو زنا، وجوز أصبغ حكمه فيما حد فيه، ومنعه سحنون، قياسًا على الشهادة (٤).

قوله: (وَزَائِدٍ في الدَّهَاءِ) أي: ولا يستحب كونه زائدًا في الدهاء؛ أي الفطنة، والحذاقة؛ لأن ذلك مما يحمله على الحكم بالفراسة وتعطيل (٥) الطرق الشرعية (٦) من


(١) في (ن ٥) و (ن) و (ن ٣) والمطبوع من مختصر خليل: (ليشهر).
(٢) قوله: (أي: ومما يستحب ... مستشيرًا) ساقط من (ن ٣).
(٣) في (ن ٥): (ينهتك).
(٤) انظر: المنتقى: ٧/ ١٣٤.
(٥) في (ن): (ويعطل).
(٦) في (ن ٤): (الحكم الشرعي).

<<  <  ج: ص:  >  >>