للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (أَوْ عَلَى التَّأَسِّي كشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ أَوْ مَنْ حُدَّ فِيمَا، حُدَّ فِيهِ) يريد: أن الحرص كما يكون مقصودًا به إزالة النقص الداخل على الشخص، كذلك يكون مقصودًا به التأسي بغيره، فيتهم ولد الزنى إذا شهد بالزنى على إشاعة هذه الفاحشة؛ ليكثر من يشاركه في صفته تلك، ليستتر في الناس ويزول عنه التعيير (١)، ولا خلاف في ذلك في المذهب، وأما شهادته فيما حد فيه وتاب منه، فالمشهور أيضًا أنها لا تقبل، وقيل: تقبل. وهو قول مالك من رواية ابن نافع، وبه قال هو وابن كنانة (٢) وهو ظاهر المدونة (٣). واحترز بقوله: (فيما حد فيه) مما إذا شهد في غير ذلك بعد توبته فإنها تقبل (٤).

قوله: (ولا إِنْ حَرِصَ عَلَى الْقَبُولِ كَمُخَاصَمَةِ مَشْهُودٍ عَلَيهِ مُطْلَقًا) هذا هو المانع الخامس، وهو الحرص على (٥) الشهادة، وأراد (٦) أن الحرص تارة يكون باعتبار القبول، ويكون تارة باعتبار الأداء، وتارة باعتبار التحمل، فأما الوجه الأول وهو أن يحرص على القبول كما إذا خاصم الشاهد المشهود عليه في حق الآدمي أو حق الله تعالى، وهو مراده بالإطلاق (٧)، فإن شهادته لا تقبل عليه، وهو قول ابن القاسم خلافًا لابن الماجشون ومطرف وأصبغ، واختاره اللخمي وابن رشد (٨).


= وأصحابه إنه إذا شهد في الحالة الثانية بما شهد به في الأولى أن شهادته تقبل بخلاف ما لو شهد العدول على أنهم شهدوا في حالة تجوز شهادتهم وقد ماتوا أو غابوا أي من وصف بالنقص الذي تشهد العدول على شهادتهم فإن شهادتهم لا تقبل فلو قال القاضي لمن سأله عن شهادتهم لا أجيز شهادة هؤلاء وقد رفعها إليهم فليس ذلك منه ردا لها وتقبل بعد ذلك لأن كلامه فتوى لا حكم).
(١) قوله: (ويزول عنه التعيير) ساقط من (ن ٤).
(٢) زاد بعد في (ن ٤) قوله: (المازري). وانظر: الاستذكار: ٧/ ١٠٦.
(٣) انظر: المدونة: ٤/ ٨ و ٢٣، وانظر: التوضيح: ٧/ ٥٠٧.
(٤) قوله: (بعد توبته) زيادة من (ن)، وقوله: (غير ذلك بعد توبته فإنها تقبل) يقابله في (ن ٤): (ما حدًا فيه بعد توبته، ولو كان حدًا كشهادته في السرقة وشرب الخمر، وقد حد في الزنى وتاب فإنها تقبل).
(٥) زاد بعد في (ن ٤) قوله: (قبول).
(٦) في (ن ٤): (والمعنى).
(٧) قوله: (فأما الوجه الأول وهو أن يحرص على القبول كما إذا خاصم الشاهد المشهود عليه في حق الآدمي أو حق الله تعالى، وهو مراده بالإطلاق) يقابله في (ن ٤): (فأشار إلى الأول بقوله: "كَمُخَاصَمَةِ" مشهود عليه مطلقًا في حق الآدمي، وفي حق الله تعالى).
(٨) التوضيح: ٧/ ٥١٠، وانظر: المقدمات الممهدات: ٢/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>