للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقتول أن فلانًا قتله عمدًا، واحترز بالعمد من الخطأ، فإنه لا يثبت بالشاهد الواحد؛ لأن قول المقتول في الخطأ جرى مجرى الشهادة؛ لأنه شاهد على العاقلة، والشاهد لا ينقل عنه إلا اثنان، وفي العمد إنما يطلب للمقتول (١) ثبوت الحكم لنفسه، وهو القصاص، ولابن القاسم: أنه لا يقسم مع الشاهد في ذلك (٢).

قوله: (كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا) أي: كإقرار مقتول مع شهادة شاهد بمعاينته الجرح أو الضرب عمدًا أو خطأً، وهو مراده بالإطلاق، ولو سقط هذا الفرع لأخذ حكمه مما تقدم؛ لأن القسامة إذا ثبتت بالشاهد الواحد على ذلك فلأن تثبت به مع إقرار المقتول من باب الأولى.

قوله: (أَوْ إِقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَأِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ) أي: وكذا تثبت القسامة إذا شهد على إقرار القاتل شاهد في الخطأ فقط، وأما في العمد فلا، ويريد: بشرط أن يكون المعترف في الخطأ مأمونًا لا يتهم في إغناء ورثة المقتول، وقاله في الذخيرة عن ابن زرب (٣)، يريد: لأن الدية في الخطأ إنما تؤخذ من العاقلة، وقد تقدم الخلاف في ذلك عند قوله: (بلَا اعْتِرَافٍ).

(المتن)

وَإِنِ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ بَطَلَ، وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ، أَوْ رَآهُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ، وَالْمُتَّهَمُ قُرْبَهُ وَعَلَيْهِ أَثَرُهُ. وَوَجَبَتْ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ، وَلَيْسَ مِنْهُ وُجُودُهُ بِقَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ. وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ قَتَلَ وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ اسْتُحْلِفَ كُلٌّ خَمْسِينَ، وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ، أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلَا قَسَامَةٍ. وَإِنِ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ عَنْ قَتْلَى، وَلَم يُعْلَمِ الْقَاتِلُ، فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ مُطْلَقًا؟ أَوْ إِنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ؟ أوْ عَنِ الشَّاهِدِ فَقَطْ؟ تَأْوِيلَاتٌ. وَإِنْ تَأَوَّلُوا فَهَدَرٌ، كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ.

(الشرح)

قوله: (وَإِنِ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ بَطَلَ) أي: شاهدا القتل، فإن قال أحدهما: قتل بحجر، وقال الآخر: بل (٤) بسيف، فإن الحق يبطل لتعارضهما، ولا يبقى إلا مجرد الدعوى


(١) قوله: (للمقتول) زيادة من (ن).
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ١٤/ ١٤١.
(٣) انظر: الذخيرة: ١٢/ ٢٩٥.
(٤) في (ن ٤): (قتل).

<<  <  ج: ص:  >  >>