للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ قَتَلَ وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ اسْتُحْلِفَ كُلٌّ خَمْسِينَ، وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلا قَسَامَةٍ) أي: شهد على شخص أنه قتل شخصًا، ودخل في جماعة فلم يعرف من جملتهم فإن كل واحد منهم يحلف خمسين يمينًا أنه لم يقتله فإن حلفوا كلهم فالدية عليهم، وكذلك إن نكلوا كلهم، فإن حلف البعض ونكل البعض فالدية على من نكل فقط بغير قسامة من الأولياء، وهو مذهب ابن القاسم في العتبية، وقال سحنون: لا شيء عليهم (١). وقيل: وهو الأقرب.

قوله: (وَإِنِ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ عَنْ قَتْلَى، ولَمْ يُعْلَمِ الْقَاتِلُ، فَهَلْ لا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ مُطْلَقًا؟ أَوْ إِنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ، أَوْ عَنِ الشَّاهِدِ فَقَطْ؟ تَأْوِيلاتٌ) احترز بالبغاة من قتال الكفار ونحوهم، ومعنى كلامه: إذا اقتتل طائفتان من المسلمين لنائرة (٢) أو عداوة، وقتل بينهما قتيل لا يعلم من قتله من الفريقين، فقيل: لا قسامة ولا قود مطلقًا، وهكذا وقع في المدونة (٣)، ورجع إليه ابن القاسم (٤)، وحملها بعضهم على هذا الظاهر.

ومراده بالإطلاق؛ أي: سواء ادعى المقتول دمه عند أحد أو قام له بذلك شاهد أم لا، فسرها ابن القاسم في العتبية والمجموعة فقال معنى قول مالك: "لا قسامة" إذا لم يدع الميت دمه عند أحد ولا قام له بذلك شاهد وأما إذا ادعى ذلك أو قام له شاهد فالقسامة، وهو قول أشهب و (٥) مطرف، وابن الماجشون وأصبغ (٦)، وقيل: معناها لا قسامة بالتدمية بخلاف الشاهد، وهذه التأويلات الثلاث على رواية المدونة، وفي الموطأ: العقل على كل فرقة للمصاب في الأخرى، فإن لم يكن منهما فالعقل عليهما (٧)؛ أي: على كل فرقة في أموالهم، وقاله مالك ومحمد (٨).


(١) انظر: النوادر والزيادات: ١٤/ ٢٢٩.
(٢) في (ن ٣): (لكغارة)، وفي (ن ٥): (لغارة).
(٣) انظر: المدونة: ٤/ ٦٥٠.
(٤) انظر: النوادر والزيادات: ١٤/ ٧٨.
(٥) قوله: (أشهب و) ساقط من (ن ٤).
(٦) انظر: النوادر والزيادات: ١٤/ ٧٧.
(٧) انظر: الموطأ: ٢/ ٨٦٨، برقم: (١٥٦٠).
(٨) انظر: النوادر والزيادات: ١٤/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>