للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاختصر المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- ذلك وأتى بمعناه فأحسن؛ إذ معناه: يلاقي نعمه فيحصل معها، ومعنى يكافئ بهمزة في آخره أي: يساوي مزيد نعمه؛ ومعناه ليقوم بشكر ما زاده من النعم والإحسان، ولما قالوا: لو حلف ليثنين على الله تعالى أحسن الثناء فطريق البر أن يقول: لا أحصي ثناءً عليك أنت كا أثنيتَ على نفسك.

قال الشيخ محيي الدين النواوي (١) رحمه الله تعالى ونفعنا به: وزاد بعضهم في آخره: فلك الحمد حتى ترضى، وصوَّر أبو سعيد المتولي المسألة فيمن حلف ليُثْنِيَنَ على الله بأجمل (٢) الثناء وأعظمه (٣)، وزاد في أول الذكر: سبحانك. وعن أبي نصر التمار عن محمد بن النضر: قال: "قال آدم - صلى الله عليه وسلم -: شَغَلْتَني بِكَسْبِ يَدَي فَعَلِّمْنِي شَيْئًا فِيهِ مَجَامِعُ الحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ، فَأَوحَى اللهُ تبَارَكَ وَتَعَالَى إِليهِ: يَا آدَمُ، إِذَا أَصْبَحْتَ فَقُلْ ثَلاثًا لَماِذَا أَمْسَيتَ فَقُل ثَلاثًا الحمْدُ للهِ رَبَّ العَالمينَ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ، وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ؛ فَذَلِكَ مَجَامِعُ الحمْدِ وَالتسْبِيحِ" والله تعالى أعلم وبه التوفيق (٤).

ولا خلاف (٥) أنَّ العلماءَ رضي الله تعالى عنهم استحبوا البداءة في كل مصنَّف وبين يدي الأمور المهمة بالحمد لله تعالى لقوله تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ


(١) هو: أبو زكريا، يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين النووي، الدمشقي، الشافعي، الفقيه، الحافظ، المتوفى سنة ٦٧٦ هـ. قرأ الفقه، والحديث، والمنطق، والنحو، وسمع الكثير من الرضي ابن البرهان، وعبد العزيز الحموي وغيرهما، وولي مشيخة دار الحديث، وله التصانيف الجليلة، السائرة، كشرحه على صحيح مسلم، والأربعين النووية، ورياض الصالحين، وروضة الطالبين، وغير ذلك. انظر ترجمته في: مناقب الإمام النووي، للسخاوي، وطبقات الشافعية، للإسنوي: ٢/ ١٧٠، وطبقات الشافعية، لابن هداية، ص: ٨٩، وطبقات النحاة واللغويين، لابن شهبة، ص: ٥٢٩، وتاريخ الإسلام، للذهبي: ٥٠/ ٢٥٥.
(٢) في (ح ٢): (بأجل).
(٣) في (ح ١): (فأعظمه).
(٤) انظر: الأذكار، للنووي، ص: ١١٤. والحديث ضعيف، قال الحافظ ابن حجر: "قال ابن الصلاح في كلامه على الوسيط: ضعيف الإسناد منقطع غير متصل، قلت: فكأنه عثر عليه حتى وصفه، وأما النووي فقال في الروضة في مسألة جل الحمد: ما لهذه المسألة دليل معتمد، ثم وجدته عن ابن الصلاح في أماليه بسنده إلى عبد الملك بن الحسن عن أبي عوانة عن أيوب بن إسحاق عن أبي نصر التمار عن محمد بن النضر - ثم ذكر الحديث - وهذا معضل، . انظر: التلخيص الحبير: ٤/ ١٧١.
(٥) في (ح ٢): (ولا خفاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>