بكلِمة يَثرِبَ، وكأنَّ هذا هو الفَخْر والرُّقِيُّ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن أولئك المُرْجِفين لم يَقْتَصروا على الإِرْجاف بل ضَلَّلوا الناس بقولهم: {فَارْجِعُوا}، فيُستَفاد منه فائِدة ما تَتَفرَّع على هذا: أن كل مَن دعا إلى الرُّجوع عن الحقِّ ففيه شبَهٌ بالمُنافِقين، لقوله تعالى:{فَارْجِعُوا} هؤلاء أَرجَفوا أوَّلًا، ثُم دعَوْا إلى التَّرْك {فَارْجِعُوا}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: بيانُ مَكْر المُنافِقين حيث جاؤُوا يَستَأذِنون الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- تمَويهًا، وأنه ليس في النِّية التقاء، لكن يُموِّهون {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ}، ففيه دليلٌ على تمويهِ المُنافِق، وإظهار حاله بحال المُؤمِن المُنْقَاد الذي لا يَنصَرِف إلَّا بعد الاستِئْذان، مع أن الاستِئْذان في مثل هذا الأَمرِ أو في مثل هذه الحالِ من الاستِئْذان بالحَقِّ من شأن المُؤمِنين، كما قال اللَّه تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ}[النور: ٦٢].
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: بَيَانُ إحاطة عِلْم اللَّه تعالى بِمَا في القلوب؛ لقوله تعالى:{إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا}.
أمَّا قوله تعالى:{وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} فهذا قد يُعلَم؛ لأنه ظاهِر أن البُيوت حَصينة ولا عليها من العَدُوِّ، لكن {إِنْ يُرِيدُونَ} الإرادة في القَلْب لا يَعلَمها إلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أو صاحبها، أو مَن أَطلَعه اللَّه تعالى عليه.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: وُجوبُ تكذيب الناطِق بالباطِل، فهل يَصِحُّ التعبير بكلمة (وُجوبِ) أن نَقول: (مَشروعِيَّة)؟ إن نظَرْنا إلى أن البعض يَجِب إبطاله قلنا:(يَجِب)،