رُمْح أو ضَرْبة سَيْف (١)، فصدَق ما عاهَد اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليه، هذا هو مَعنَى الآية {صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} فقوله -رضي اللَّه عنه-: "ليَرَينَّ اللَّهُ ما أَصنَعُ" هذا عَهْد؛ لأنه التِزام التَزَم به على نَفْسه.
قال تعالى:{فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} يَعنِي: فمِن هؤلاء الذين عاهَدوا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَن قَضَى نَحْبه، أي: عَهْده والتِزامه وقِيل: مَن قضَى نَحْبه أي: أَجَلَه، أي: مات وقُتِل، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر} يَعنِي: يَنتَظِر الموت والقَتْل شَهيدًا في سبيل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} يَعنِي: ما حصَل منهم تَبديل لا بالنَّقْض بالكُلية ولا بالتَّغيِير؛ ولهذا قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَمَا بَدَّلُوا} والتَّبديلُ يَكون بالتَّرْك كُلِّيةً ويَكون بالتَّغيير بالنَّقْص أو بالزِّيادة؛ ولهذا قال تعالى:{وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[وهُمْ بخِلاف حال المُنافِقين]، فإن حال المُنافِقين على العَكْس يُعاهِدون اللَّه ولا يُوفُّون، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧)} [التوبة: ٧٥ - ٧٦]، أمَّا المُؤمِن فإنه يَفِي بما عاهَدَ اللَّهَ تعالى عليه.
(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب قول اللَّه تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}، رقم (٢٨٠٥)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، رقم (١٩٠٣)، من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.