للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقوله تعالى: {مِنْ رَبِّكَ}، وقد تَقدَّم كثيرًا بأن الرُّبوبية نَوعانِ والعُبودية نوعان: رُبوبية عامَّة ورُبوبية خاصَّة.

فمِثال الرُّبوبية العامة: قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} [الصافات: ٥].

ومثال الرُّبوبية الخاصَّة هذه الآية: {مِنْ رَبِّكَ}.

وقد اجتَمَع النوعان في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: ١٢١ - ١٢٢].

وكذلك العُبودية نَوْعان: عامَّة وخاصَّة.

فالعامة مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: ٤٤].

والخاصَّة مثل قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: ١]، والمُراد الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ عِلمَ اللَّه تعالى شامِلٌ للأُمور الباطِنة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: تَحذير الإنسان من المُخالَفة؛ لأن هذا يُوجِب أنَّنا لا نُخَالف اللَّه تعالى ما دُمْنا نَعلَم أنه خَبير بما نَعمَل، فإنه لا يُمكِن أن نُخالِف اللَّه عَزَ وَجَلَّ، مِثْل ما لو قُلْت: اذهَبْ وأنا أَعلَمُ ما تَفعَل. فالمُراد: التهديدُ والتحذيرُ من المُخالَفة، فكلُّ نَصٍّ يُبيِّن اللَّه تعالى فيه أنه يَعلَم ما نَعمَل فهو تَحذير لنا من مخُالَفته.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: وجوبُ تَقديم الوحي على الرأي في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} فإن هذا الخِطابَ مُوجَّهٌ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإلى أمَّتِه بالأَوْلى،

<<  <   >  >>