قوله تعالى:{زَوْجَكَ} المُراد بها: زينبُ بنتُ جَحْشٍ -رضي اللَّه عنها-، وكان زَيدٌ -رضي اللَّه عنه- قد تَزوَّجها بمَشورة النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَجَاء يَستَشيره في طلاقِها، فقال له النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ}؛ يَعنِي: لا تُطلِّقْها، وأَمَره بأَنْ يَتَّقيَ اللَّه تعالى:{وَاتَّقِ اللَّهَ}، إغراءً له على إِمْساكها، وإن كان الرجُل لم يَفعَل خَطيئةً، لأنَّ الطلاق ممَّا يُباح للرِّجال، لكن من باب الإِغْراء على إِمْساكها.
وقال بعضُ المُفسِّرين: إنه -أَي: زَيدُ بنُ حارِثةَ -رضي اللَّه عنه- ذكر زَينبَ -رضي اللَّه عنها- بعَيْبٍ، فقال له الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَاتَّقِ اللَّهَ} يَعنِي: لا تَصِفْها بالعَيْب، وليس المَعنَى: اتَّقِ اللَّه لا تُطلِّقْها؛ لأنَّ الأصل في الطلاق أنه مُباح.
قال اللَّه تعالى:{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}، الواو حَرْف عَطْف، {وَتُخْفِي} مَعطوفة على قوله تعالى: {تَقُولُ}، يَعني: واذْكُرْ أيضًا إذ تُخفِي في نَفْسِك ما اللَّه تعالى مُبديه، وأَبهَمَ اللَّه تعالى ما أَخفاه، لكنه بيَّن أنه سيُبدِيه، ونَنظُر ماذا أَبدَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:
قال تعالى:{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا}: {مَا} هذه اسْمٌ مَوصولٌ في محَلِّ نَصْب مَفعول لـ {وَتُخْفِي}، و {اللَّهُ} مُبتَدَأ، و {مُبْدِيهِ} خبَرُه، والجُملةُ صِلة المَوْصول لا محَلَّ لها من الإعراب، يَعنِي: تُخفِي في نفسك الذي اللَّه تعالى مُبدِيه، وهنا لم يَقُلْ: وتُخفِي في نَفْسك ما يُبديه اللَّه تعالى، بل قال تعالى:{مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}، فأَتَى بالجُمْلة الاسمِيَّة الدالَّة على الثُّبوت كأن هذا أَمْر لا بُدَّ منه، أي: لا بُدَّ أن يُبديَه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وهذا هو الذي وقَعَ.
ومَعنَى:{مُبْدِيهِ}، أي: مُظهِره، وهو مُقابِل لِقَوْله:{وَتُخْفِي}، قال تعالى:{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} إلَّا أنَّ المُقابَلة اختَلَفَت من حيث الصِّيغة،