المُفَسِّر يُريد أن يَكون الخِطاب هنا لليَهود والمُنافِقِين، والصواب أنه عائِد لكل مَن دعا شَخْصًا لغير أبيه من الأدعياء، سَواءٌ كان من المُنافِقين أو من اليَهود أو من المُشرِكين أو من المُسلِمين، فإن هذا قولٌ يَقوله الإنسان بفِيهِ، وليس حقيقةً هو نفسه يَعلَم أن هذا الدَّعيَّ ليس ابْنًا لهذا المَدعُوِّ إليه، فكيف يَقول ما يَعتَقِد أن الأمر بخِلافه؟
وقوله:{ذَلِكُمْ} أتَى بضَمير الجَمْع في الخِطاب؛ لأن المُخاطَبِين جماعةٌ، وأن اسْمَ الإشارة يُراعَى به المُشار إليه، والكاف يُراعَى بها المُخاطَب، وهنا المُشار إليه مُفرَد مُذكَّر، وهو دَعْوة الرجُل إلى غير أبيه، والمُخاطَبون جماعة ذُكور.
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} يَعنِي: تَقولونه بأَلْسنَتِكم وأنتم تَعرِفون الحقيقة أنها ليسَتْ كذلك؛ قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[أي: اليَهود والمُنافِقين] وجعَلها بالياء؛ لأنها تفسير لقَوْله:{قَوْلُكُمْ} الكافِ، وهي مجَرورة.
قال رَحِمَهُ اللَّهُ:[قالوا: لمَّا تَزوَّج النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- زينبَ بِنتَ جَحْش التي كانت امرأةَ زَيْدِ بنِ حارِثةَ الذي تَبنَّاه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قالوا: تَزوَّج محُمَّد امرأةَ ابنِه، فأَكذَبهم اللَّه تعالى في ذلك]؛ وكلام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ بعيدٌ من ظاهِر الآية، إِذْ إن كلام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ يَقول: إنه بعد أن تَزوَّج النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- زينبَ بِنتَ جَحْش -رضي اللَّه عنها-، وكانت في الأوَّل عند زَيدِ بنِ حارِثةَ -رضي اللَّه عنه- قالوا هذا القول (١)، والآية ما فيها إشارة للقصة إطلاقًا، إنَّما الآية يَتحَدَّث اللَّه تعالى فيها عن ابن التَّبنِّي، فما تَحدَّث اللَّه تعالى ولا أَشار إلى تَزوُّج الرَّجُل بزوجة ابنِه الذي تَبنَّاه، لكن هذه ستَأتينا في الآيات: أن الآية إنما هي في نِسْبة الإنسان إلى غير أبيه تَبنِّيًا.