للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجَوابُ: لا؛ لأن اللَّه تعالى قال: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ}، إِذَنْ: ما كان لنا أن نَجلِس ما دام فيه أذِيَّةٌ للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقوله تعالى: {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} يَعنِي: وما كان لكم أن تَنْكِحوا أزواجَه من بعدِه أبَدًا؛ وقوله تعالى: {تَنْكِحُوا} المُراد بالنِّكاح هنا العَقْد، يَعنِي: لا يُمكِن أن تَعقِدوا على أزواجه من بَعْده، وكلُّ نِكاح في القُرآن فإنه بمَعنَى العَقْد، خِلافًا لمَن قال: كلُّ نِكاح في القُرآن فهو بمَعنَى الوَطْء إلَّا قولَه تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢]، والصَّوابُ: أن كل نِكاح في القرآن فإنه بمَعنَى العَقْد، وأمَّا مَن قال: إنه بمَعنَى الجِماع إلَّا في الآية هذه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩] فليس بصحيح.

وقوله تعالى: {أَزْوَاجَهُ} تَكون المَرأة زَوْجة للإنسان بالعَقْد عليها.

وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِهِ} أي: من بعد مُفارَقته لها، ومُفارَقة النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لها تَكون بالحياة وتَكون في الموت، والمُفارَقة في الحَياة تَكون قبل الدُّخول وبعد الدُّخول، فهاهنا ثلاثُ حالات:

الحالُ الأُولى: مَن فارَقَها بمَوْته، فهذه لا تَحلُّ لأَحَد من بعده بالإِجْماع، ولم يُخالِف في ذلك أحَدٌ.

الحال الثانِية: مَن فارَقها في حياته بدون دُخول، فهذه تَحِلُّ، ولا نِزاعَ فيها كما ذكَرَه ابنُ كثيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ في التفسير (١).


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ٤٠٣).

<<  <   >  >>