بدون جِلباب. وهذا يَدُلُّ على أنه لا بُدَّ أن تَخرُج المرأة بما يَستُرُها ولا يُبيِّن حَجْم جِسْمها.
قال رَحِمَهُ اللَّه: [{ذَلِكَ أَدْنَى} أَقرَبُ إلى {أَنْ يُعْرَفْنَ} بأنَّهن حَرائِرُ {فَلَا يُؤْذَيْنَ} بالتَّعرُّض لهُنَّ] قوله: [يُعرَفْن بأنهن حَرائِرُ] هذا بِناءً على ما قُلْت، ولكن لنا أن نَقول:{أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ} بأنهن محُتَشِمات وبَعيدات عن الرِّيَب ولا يُرِدن السُّوء ولا الفاحِشة؛ لأن المرأة إذا كانَت محُتَشِمة مُتحَجِّبة دل ذلك على كَمال عِفَّتها، وأنها لا تُريد أن تَقَع في مَواضِعَ الرِّيَب، بخِلاف المرأة العاهِرة -والعِياذُ باللَّه- فإنها تَتَبرَّج وتَكشِف وجهَها وتُخرِج يديها وذِراعَيْها وحُلِيَّها وما أَشبَه ذلك، فإذا كانت المرأةُ مُتحَجِّبة عُلِم أنها امرأة محُتَشِمة عَفيفة؛ ولهذا قال تَبَارَكَ وَتَعَالَى {أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ}، وإذا كانت عَفيفة مُحتَشِمة فإن الفُسَّاق لا يَتَعرَّضون لها؛ لأنهم يَعلَمون أنها ليسَتْ من أَصحابهم، وإنما هي امرأة حامِيةٌ نَفسَها محُتَفِظة، هذا من جِهة؛ ويُحتَمَل ما قاله المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّه: [{أَنْ يُعْرَفْنَ} بأنَّهُنَّ حَرائِرُ]؛ والآية صالحِة لهذا ولهذا.
قال رَحِمَهُ اللَّه: [{فَلَا يُؤْذَيْنَ} بالتَّعرُّض لهن بخِلاف الإماء فلا يُغطِّين وُجوهَهن، فكان المُنافِقون يَتعَرَّضون لهُنَّ] وهكذا كانت الإِماء في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي عهد الخُلَفاء لا يَحتَجِبْن لأنَّهن مَملوكات، ولا يَتعلَّق بهن إلَّا رَديء النَّفْس.
ولكن شَيْخ الإسلام ابن تَيميَّةَ (١) رَحِمَهُ اللَّهُ قال: "إِن هذا في الإِماء اللاتي لا يُخشَى مِنهن فِتْنة، وأمَّا الإِماء الجَميلات اللاتي يَفْتِنَّ فإنه يَجِب عليهن أن يُغطِّين وُجوهَهن؛ وذلك لِخَوْف الفِتْنة لا لإِلحْاقِهن بالحَرائر"، وما قاله رَحِمَهُ اللَّهُ صحيح، والمَعنَى يُؤيِّده، فإن كل ما يُخشَى منه الفِتْنة فإنه يَجِب البُعد عنه؛ ولهذا قال اللَّه تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ