ومن الخِيانة في الأمانةِ: ما يَفعله بعضُ الناس في أهلِه، يُرضِيهم بما حرَّم اللَّه عليهم، فيَجلب لهم مِن وَسائل الإعلامِ المَنظورة والمقروءة والمسمُوعة ما فِيه البَلاء والشَّقاء، وهذا خِيانة للأمانةِ، وسَوف يُحاسب عِند اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يوم القيامة، لقَول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}[التحريم: ٦]، فجعَل وِقاية الأهل كوِقاية النَّفس، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرَّجُل راعٍ في أهله ومَسؤولٌ عَن رعيَّته"، مَسؤولٌ أمامَ اللَّه يومَ القِيامة. أسألُ اللَّهَ أن يُعيننِي وإيَّاكم على أداءِ هذِه الأمانةِ الكبرَى.
فعَليك أن تُوجِّه أهلَك مِن بنينَ وبناتٍ وزوجاتٍ وغيرهِم ممَّن لك ولايةٌ عليهم، أن توجِّههم إلى الطَّريق السَّوِي، الطَّريق المُستقيم، ولا تظُنَّ أنَّك بَرِيء مِن المسؤُولية أبدًا، فقَد حمَّلك إياها اللَّه ربُّ العالمين وحملك إيَّاها رسولُ ربِّ العالمين محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ومن النفاق: أنَّ بعضَ الناس يُرائِي، بمعنى: أنه يَفعل العبادَة ليَقول الناس: إن فلانًا عابد. اللهُم أعِذنا مِن الرِّياء! "ومَن راءَى راءَى اللَّهُ به"، وسَوف يَفضحُه إمَّا في الدُّنيا وإمَّا في الآخِرة؛ ومن ذلك أيضًا: أن يتصدَّق بشيءٍ أمامَ الناس ليقُولوا: فلانٌ كريمٌ، لا لِيتقرَّبَ إلى ربِّ العالمين، وهذا الرياء مبطلٌ للعمل، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في الحديث القُدْسي الصَّحيح:"أنا أغنَى الشُّركاء عَن الشِّرك، مَن عمِل عملًا أشرك فيه مَعِيَ غَيري تركتُه وشِرْكه"، ولما سُئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عَن الرجُل يُقاتل أعداء اللَّه، يُقاتل شجاعة، ويُقاتل حَميَّة، ويُقاتل رياءً، أيُّ ذلك في سبيل اللَّه؟ قال:"مَن قاتَل لتكون كَلمةُ اللَّه هي العُليا فهو في سبيل اللَّه".
فالمُراءاةُ في العَمل محُبِطة له، وماذا يَنفعك الناسُ إذا راءَيتَهم؟ ! وماذا يضرُّونك