للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا أخلَصْتَ العمل للَّه وتَركْتَهم؟ ! إنَّهم لَن يَضرُّوك شيئًا بالإخلاص، وإنَّهم يضرُّونك بالرِّياء، وأنت الذِي أضرَرْت بنَفْسك. فاحذَرْ أخِي مِن النِّفاق، احذَر مِن النِّفاق العقَدي والعمَلي، فالعقَدي في القَلب -أجارني اللَّه وإيَّاكم منه-، والعمَلي بالجَوارح.

وقال تعالى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ}.

المشرِك: مَنِ اتخذ مع اللَّه إلهًا يَعبُده، أوِ اتَّخذ معَ اللَّهِ ربًّا يَعتقِد أنَّ لَه تَدبيرًا في الكَون، والمُشرِك كافرٌ واضِحٌ وليس يُنافِق، فهُو يُظهِر شِرْكه عَلَنًا ويُقاتِل المُؤمِنين مِن أَجْلِه، مِثل مُشركِي قُرَيْشٍ، ألَيْسُوا قاتَلُوا النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَمْدًا؛ أليسُوا أَخْرجُوه وأصحابَه مِن دِيارِهم؟ أليسوا يُسيئون إليه بالقَول وبالفِعل؟ فيقُولون: إنَّه ساحرٌ، إنَّه مجنونٌ، إنَّه كاذِب؛ وأساؤُوا إليه بالفِعل أيضًا، فقَد كانَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذاتَ يومٍ ساجدًا تَحتَ الكَعبة، آمَنُ مَكانٍ على الأرضِ ذلِك المكانُ، وهُو محُترَم مُعظَّم عِندَ قُريشٍ إلَّا مَع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فكانَ ساجدًا للَّه عَزَّ وَجَلَّ فقالُوا: مَن يَذهبُ إلى جَزور بنِي فُلان ويأتِي بسَلاها -القَذِر المكروه مَنظرًا- ويَضعُه على ظَهر محمَّد؟ فانتدبَ لذَلِك أشْقاهُم والعِياذ باللَّه! فذهَب وأتَى بسَلى النَّاقة -الذِي يَخرج مِنها عِندَ الوِلادَة-، فألقَى السَّلى على ظَهْر النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهُو ساجِدٌ، وفي هَذا إهانة للرَّسول، بل وإهانةٌ للمَسجِد الحَرَام، والعَجَب أنَّه لو جاءَ بَدوِيٌّ جاهِلٌ يَسجُد تَحتَ الكَعْبة لعَظَّمُوه واحترَمُوه، وهَذا النبيُّ الكَرِيم الذِي هُو أَوْلَى بالكَعْبة مِن هؤلاءِ المشركِين يُفعل به هكَذا! لأنَّ المشركِين لا يُبالون، فهُم يُعلِنون بشِرْكهم ولا يُبالون، ولَيس عِندَهم نِفاقٌ، هَذا الصِّنف الثَّاني مِن النَّاس.

الصّنف الثَّالث: قالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}

<<  <   >  >>