للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأحزاب: ٧٣]، اللهُمَّ تُبْ عَلَينا يا ربَّ العالِمين! يتُوب اللَّهُ على المؤمِنين الموحِّدين الذِين ليسَ عندَهم نفاقٌ، فهُم موحِّدون ضِد المشركِين، وهُم خالِصون ضِد المنافقِين، فيتُوب اللَّهُ علَيهم، حتَّى لو أنَّهم تابُوا مِن الشِّرك ومن النِّفاق تابَ اللَّه علَيهم؛ لقَول اللَّه تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣].

وكَم مِن مُشرِك مُنابِذ للدَّعوة الإسلاميَّة تابَ فتابَ اللَّه عَليه، فهَذا عُمر بنُ الخطَّاب -رضي اللَّه عنه- كانَ ضِد الدَّعوة الإسلاميَّة، فأَسْلم وكانَ الجليفةَ الثَّاني في هَذِه الأُمَّة. وخَالِدُ بنُ الولِيد، وعِكرمة بن أبي جَهْل، وغيرُهم مِن صَنادِيد قُريش وكُفَّارها أَسلمُوا فتابَ اللَّه علَيهم.

وهذا أبُو سُفيان زَعيم قُريش كانَ يَقول يومَ أحُد: اعلُ هُبَل؛ لأنَّ أبا سُفيان لمَّا انتَهت امحرب وصارتِ الهزيمةُ على المُسلمِين -لأنَّهم حصل مِنهم ما يُوجب الهزيمةَ-؛ افتَخر وقال: أفيكُم محمَّد؟ قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُجِيبُوهُ" إهانةً له، وحتَّى يربُو بنَفسه بعدَ ذلِك ويَفتخر؛ فانظُر إلى الحِكمة النبويَّة، وهكَذا وقَع، ثُم قال: أفيكُم ابن أبي قُحَافة؟ أفيكم عُمَر؟ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُجِيبُوهُ" حينئذٍ افتَخر وانتَفخ، ورأَى أنه حصَل على كُل شيءٍ، فقال: اعلُ هُبَل. وهُبل صَنَم لقُريش في وَسط الكعبة، والمعنَى: ما أعْلاك اليوم! اليومَ أنتَ العالي!

ثُم قالَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أجِيبوه"، فالآنَ حَمِيَ الوَطِيس فقَد وصَلَتِ المسألةُ إلى البارِي عَزَّ وَجَلَّ، فقال: "أجِيبوه"، قالوا: بماذا نُجيبه؟ قال: "قولوا: اللَّه أعلى وأجَلُّ"، فقالوا: "اللَّه أعلى وأجَلُّ"، فإذا كنتَ اليومَ تَفتخِر بصنَمك بأنَّه عالٍ فاللَّه أعلى وأجَلُّ؛ ثم قالَ أبو سُفيان -لما رُدَّ عليه بالتَّوحيد أتَى عن طَريق الرسالة-: يَومٌ بيومِ بَدْر

<<  <   >  >>