وهذا أبُو سُفيان زَعيم قُريش كانَ يَقول يومَ أحُد: اعلُ هُبَل؛ لأنَّ أبا سُفيان لمَّا انتَهت امحرب وصارتِ الهزيمةُ على المُسلمِين -لأنَّهم حصل مِنهم ما يُوجب الهزيمةَ-؛ افتَخر وقال: أفيكُم محمَّد؟ قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُجِيبُوهُ" إهانةً له، وحتَّى يربُو بنَفسه بعدَ ذلِك ويَفتخر؛ فانظُر إلى الحِكمة النبويَّة، وهكَذا وقَع، ثُم قال: أفيكُم ابن أبي قُحَافة؟ أفيكم عُمَر؟ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُجِيبُوهُ" حينئذٍ افتَخر وانتَفخ، ورأَى أنه حصَل على كُل شيءٍ، فقال: اعلُ هُبَل. وهُبل صَنَم لقُريش في وَسط الكعبة، والمعنَى: ما أعْلاك اليوم! اليومَ أنتَ العالي!
ثُم قالَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أجِيبوه"، فالآنَ حَمِيَ الوَطِيس فقَد وصَلَتِ المسألةُ إلى البارِي عَزَّ وَجَلَّ، فقال:"أجِيبوه"، قالوا: بماذا نُجيبه؟ قال:"قولوا: اللَّه أعلى وأجَلُّ"، فقالوا:"اللَّه أعلى وأجَلُّ"، فإذا كنتَ اليومَ تَفتخِر بصنَمك بأنَّه عالٍ فاللَّه أعلى وأجَلُّ؛ ثم قالَ أبو سُفيان -لما رُدَّ عليه بالتَّوحيد أتَى عن طَريق الرسالة-: يَومٌ بيومِ بَدْر