للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا لم يُوجَد أحَدٌ من ذَوِي الأرحام هَل يَعود الإِرْث بالمُوَالَاة والمُنَاصَرة؟

أَكثَرُ أهل العِلْم على أنَّه لا يَعود وأن أسباب الإِرْث تَنحَصِر في ثلاثة فقط وهي: النِّكاح، والنَّسَب، والولَد، ولكن شيخ الإسلام ابن تَيميَّةَ (١) رَحِمَهُ اللَّهُ يُجَوِّزُ إذا لم يُوجَد إذا لم تُوجَدِ الأسباب الثلاثة المُجمَع عليها يَجوز التَّوارُث بالمُوالاة والمُنَاصَرة، يَقول رَحِمَهُ اللَّهُ: "لأنه لمَّا عُدِم الأرحامُ زال السبَب المانِع من التَّوارُث بالمُوالاة والمُناصَرة"، لكن أكثَر أهل العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ على خِلاف هذا.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أن صِلة الرحِم كما تَكُون في الحياة تَكُون بعد الموت، لأن هذه الأَوْلوية تَكُون في الحياة وفي الموت.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أن مَن كان أَقرَبَ من ذَوِي الأرحام فهو أحَقُّ بالإرث؛ وجهُه: أنَّه سبَق لنا قاعِدة في هذا البابِ وهو أنَّه إذا عُلِّق الحُكْم على وَصْف، فكلَّما كان الوصفُ في شيءٍ أقوى كان الحُكْم فيه أَوْلى، فما دام أُولو الأرحام أَوْلى؛ لأنهم ذَوِي أرحام، فمَن كانت رحِمه أَقوَى فهو أَوْلى، ولهذا قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، كما بَقِيَ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ" (٢).

فأنا لو قُلت لك: إذا رأَيْت فاسِقًا فاجْلِدْه. مثلًا، فهل هذا الأَمرُ بالجلْد هل يَختَلِف باختِلاف الفاسِقين أو أَفسَقِهم أو أَقَلِّهم على حدٍّ سَوَاء؟ يَختَلِف؛ لأن القاعِدة: أنَّه إذا عُلِّق الحُكْم بوَصْف فإنه متى كان الوَصْفُ ذا محَلٍّ أَقوى كان ذلك المَحلُّ في الحُكْم أَوْلى.


(١) انظر: الاختيارات العلمية (٥/ ٤٤٥).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، رقم (٦٧٣٢)، ومسلم: كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها، رقم (١٦١٥)، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

<<  <   >  >>