الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: فضيلة الهِجْرة؛ لقوله تعالى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ}؛ لأن المُهاجِرَ مُؤمِنٌ تَخْصيصهُ بالعَطْف يَدُلُّ على شَرَفه وفَضْله، كما في قوله تعالى:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}[القدر: ٤] الرُّوح هو جِبريلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وتَخصيصه بالعَطْف وهو من المَلائِكة دليل على شرَفه وتكريمه.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: ثُبُوت الإِرْثِ لِذَوِي الأَرْحام، وذَوُو الأرحام في اصطِلاح الفَرضيين: كُلُّ قَرِيب لَيْس بِذِي فَرْض ولا عَصَبة، والعُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ قدِ اخْتَلفوا فيهم، فمِنهم مَن قال: إنهم لا يَرِثون.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: جواز الوَصية لمَن بيْنَك وبينَهُ مُوَالاة؛ لقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا} وظاهِر الآية الإطلاق، لكنَّه مُقَيَّد بالنُّصوص الدالَّة على أنَّ الوصِية لا تَزيد على الثُّلُث، ومنه حديث سعد بنُ أبي وقَّاص -رضي اللَّه عنه- حين عَاده النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِن وجَعٍ كان به، فلما رآه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- استَغَلَّ الفُرْصة، -أَعنِي: سَعْدًا- وقال: يا رسول اللَّه، إنِّي ذو مال ولا يَرِثُني إلَّا ابنةٌ لي -ومُرادُه: لا يَرِثُني من صُلْبي، وإلَّا فإنَّ له بَني عمٍّ وعصَبة- أَفَأَتَصدَّق بثُلُثَيْ مالي؟ قال:"لا" قال: فالشَّطْر؟ -يَعنِي: النِّصْف- قال: فالثُّلُث؟ قال:"الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كثِيرٌ"(١).
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الإحسَان من المعروف؛ لِقَوله تعالى:{مَعْرُوفًا} يَعنِي: إحسانًا بالوَصِية وعلى هذا فالمَعروف إذا قلت: مُرْ بالمَعروف يَشمَلُ الأمر بالإحسان، ولا شكَّ أن الإحسان مَعروفٌ عند اللَّه تعالى وعند الخَلْقِ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: بلاغةُ القُرآن في الاحتِرازِ في مَوْضِع الإيهامِ؛ لأنه لما
(١) أخرجه البخاري: كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث، رقم (٢٧٤٤)، ومسلم: كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، رقم (١٦٢٨)، من حديث سعد بنُ أبي وقاص -رضي اللَّه عنه-.