للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من المُشرِكين واليَهود الذين تَحزَّبوا لقِتال النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وكانت هذه في السَّنَة الخامِسة من الهِجْرة في شَوَّال (١).

هذا الصحيحُ المشهورُ؛ لأنه من المعلوم أن أُحُد كانت في السَّنَة الثالثة من الهِجْرة في شَوَّال (٢)، وكانت السَّنَة التي تَليها مِيعادًا لقُرَيْش، لكنهم ما حضَروا، ثُم في السَّنَة الثالِثة -وهي الخامِسة- صارت غَزوة الأَحْزاب.

وسبَبُها أن الأشرافَ من بني النَّضير الذين أَجْلاهم النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ من المَدينة لا شكَّ أن قُلوبَهم امتَلَأَت حِقْدًا على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وعَداوةً، فلمَّا رأَوُا انتِصارَ قُرَيْش في أُحُد أَرادوا أن يَستَغِلُّوا هذا الأمرَ، فذهَبوا إلى قُرَيْش وحرَّضُوهم على قِتال النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ووعَدوهم أن يَنصُروهم بكلِّ ما يَستَطيعون، وأن يَتَّصِلوا ببني قُرَيْظةَ الذين بَقُوا في المدينة يَتَّصِلوا ببني قُرَيْظةَ من أجل أن يُساعِدوهم على قِتال النبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فاجتَمَعَت أَحزابٌ عظيمة قُدِّرت بعشَرة آلاف مُقاتِل، معَهم العُدَّة والسِّلاح والعَتاد وحضَروا إلى المدينة.

ولمَّا عَلِم بهمُ النَّبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اهتَمَّ بذلك اهتِمامًا عظيمًا، ولكن اهتِمام الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لا يَعنِي الجُبْن والخَوَر والضَّعْف، ولكنه يَعنِي الاستِعْداد وأَخْذ الحذَر؛ أَخْذًا بتوجيهات اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، لأن اللَّه تعالى دائِمًا يُحذِّر من الأعداء، ويَأمُر بأن نُعِدَّ لهم ما استَطَعْنا من قوَّةٍ، فخرَج بأصحابه بثلاثة آلافِ مُقاتِلٍ فقط، وقيل: بأقَلَّ من ذلك حتَّى قال بعضُهم: إلى سَبْع مئةِ مُقاتِلٍ، ونزَلوا عند سَلْعٍ، وجعَلوه خَلْف ظُهورهم، وحفَروا الخَنْدق بمَشورة سَلْمانَ الفارِسيِّ -رضي اللَّه عنه- من


(١) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ٢١٤).
(٢) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ٦٠).

<<  <   >  >>