للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أن أصله (الطمأنينة)، فقيل للمصدق بالخبر مؤمن، لأنه مطمئن.

قال الواحدي: "وأصله [أي الإيمان] في اللغة: الطمأنينة إلى الشيء، من قولهم: أمن يأمن أمنا، إذا اطمأن وزال الخوف عنه، وآمنت فلانا، إذا جعلته يطمئن وتسكن نفسه. وآمن بالله ورسوله إذا صدقهما واثقا بذلك مطمئنا إليه" (١).

وقال البغوي: " وحقيقة الإيمان التصديق بالقلب. وهو في الشريعة: الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالأركان، فسمي الإقرار والعمل إيمانا؛ لوجه من المناسبة، لأنه من شرائعه، والإسلام: هو الخضوع والانقياد، فكل إيمان إسلام وليس كل إسلام إيمانا، إذا لم يكن معه تصديق، قال الله تعالى "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا" (١٤ - الحجرات) وذلك لأن الرجل قد يكون مستسلما في الظاهر غير مصدق في الباطن. وقد يكون مصدقا في الباطن غير منقاد في الظاهر" (٢).

وفي (الإيمان) ثلاثة أقاويل (٣):

أحدها: أنّ الإيمان اجتناب الكبائر.

والثاني: أن كل خصلة من الفرائض إيمان.

والثالث: أن كل طاعةٍ إيمان.

وذكر أهل التفسير في معنى {الغيب} [البقرة: ٣]، ثلاثة أقوال:

أحدها: ما جاء من عند الله، وهو قول ابن عباس (٤)، وروي نحوه عن عطاء (٥)، واسماعيل بن أبي خالد (٦).

والثاني: أنه القرآن، وهو قول زر بن حبيش (٧).

والثالث: الإيمان بالجنة والنار والبعث والنشور. قاله قتادة (٨)، والربيع (٩)، وأبي العالية (١٠)، والسدي (١١)، وروي عن زيد بن أسلم (١٢)، وإبراهيم بن جعفر بن محمود بن سلمة الأنصاري (١٣)، مثل ذلك.

قال ابن عطية: " وهذه الأقوال لا تتعارض، بل يقع الغيب على جميعها" (١٤).

قوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: ٣]، " أي يؤدونها على الوجه الأكمل بشروطها وأركانها، وخشوعها وآدابها" (١٥).

قال البغوي: " أي يديمونها ويحافظون عليها في مواقيتها بحدودها، وأركانها وهيئاتها" (١٦).

وروي عن ابن عباس، في قوله تعالى {ويقيمون الصلاة}، قال: "الذين يقيمون الصلاةَ بفرُوضها" (١٧).

وأخرج الطبري بسنده " عن الضحاك في قوله: {الذين يقيمون الصلاة}: يعني الصلاة المفروضة" (١٨).


(١) التفسير البسيط: ٢/ ٥٩.
(٢) تفسير البغوي: ١/ ٦٠ - ٦١.
(٣) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٦٩.
(٤) أنظر: تفسير الطبري (٢٧٢): ص ١/ ٢٣٦.
(٥) أخرجه ابن أبي (٧٠): ص ١/ ٣٦. ولفظه: "من آمن بالله، فقد آمن بالغيب".
(٦) أنظر تفسير ابن أبي حاتم (٧١): ص ١/ ٣٦. ولفظه: " {يؤمنون بالغيب}: بغيب الإسلام".
(٧) أنظر: تفسير الطبري (٢٧٤): ص ١/ ٢٣٦، وابن أبي حاتم (٦٩): ص ١/ ٣٦.
(٨) أنظر: تفسير الطبري (٢٧٥): ص ١/ ٢٣٦.
(٩) أنظر: تفسير الطبري (٢٧٦): ص ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧.
(١٠) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٦٧): ص ١/ ٣٦.
(١١) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٦٨): ص ١/ ٣٦.
(١٢) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٧٢): ص ١/ ٣٦. ولفظه: " {الذين يؤمنون بالغيب}، قال: بالقدر".
(١٣) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٧٣): ص ١/ ٣٧.
(١٤) المحرر الوجيز: ١/ ٨٤.
(١٥) صفوة التفاسير: ١/ ٢٦.
(١٦) تفسير البغوي: ١/ ٦٢.
(١٧) أخرجه الطبري (٢٨٢): ص ١/ ٢٤١، وابن أبي حاتم (٧٤): ص ١/ ٣٧.
(١٨) تفسير الطبري (٢٨٤): ص ١/ ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>