للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: تدبر الآيات التي يحدثها الله في الأنفس والآفاق التي تبين أنه حق.

والثالث العمل بموجب العلم قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: ٥٣] (١).

القرآن

{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: ٥]

التفسير:

أولئك المتقون وهم "المتصفون بما تقدم من الإيمان بالغيب وإقام الصلاة والإنفاق من الذي رزقهم الله والإيمان بما أنزل إلى الرسول ومن قبله من الرسل والإيقان بالدار الاخرة وهو مستلزم الاستعداد لها من الأعمال الصالحة وترك المحرمات

قوله تعالى: {أُولَئِكَ} [البقرة: ٥]، أي: "المشار إليه ما تقدم ممن اتصفوا بالصفات الخمس؛ وأشار إليهم بصيغة البعد لعلوّ مرتبتهم" (٢).

قال الثعلبي: " {أُولئِكَ}: أهل هذه الصفة، و (أولاء): اسم مبني على الكسر، ولا واحد له من لفظه، والكاف خطاب" (٣).

قوله تعالى: {عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} [البقرة: ٤]، أي: على" نور وبيان وبصيرة من الله تعالى" (٤).

قال ابن عباس: " أي على نور من ربهم، واستقامة على ما جاءهم" (٥).

وقال سعيد بن جبير: أي: " على بينة من ربهم" (٦).

وعن قتادة: " {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}، قال: قوم استحقوا الهدى والفلاح بحق، فأحقه الله لهم، وهذا نعت أهل الإيمان" (٧).

قال الطبري: أي" أنهم على نور من ربهم وبرهان واستقامة وسداد، بتسديد الله إياهم، وتوفيقه لهم" (٨).

وقال الثعلبي: أي: على: رشد وبيان وصواب" (٩).

قال ابن عثيمين: " أي على علم، وتوفيق من خالقهم المدبر لأمورهم" (١٠).

وقوله تعالى: {مِن رَّبِّهِمْ} أي: "أوتوه من عنده" (١١).

قال الزمخشري: " والنون في: (من ربهم) أدغمت بغنة وبغير غنة. فالكسائى، وحمزة، ويزيد، وورش في رواية والهاشمي عن ابن كثير لم يغنوها. وقد أغنها الباقون إلا أبا عمرو، فقد روى عنه فيها روايتان" (١٢).

قال النسفي: " ويجعل اختصاصهم بالهدى والفلاح تعريضاً بأهل الكتاب الذين لا يؤمنون بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهم ظانون أنهم على الهدى وطامعون أنهم ينالون الفلاح عند الله، ومعنى الاستعلاء في " على هدى " مثل لتمكنهم من الهدى واستقرارهم عليه وتمسكهم به بحيث شبهت حالهم بحال من اعتلى الشيء وركبه نحوه " هو على الحق وعلى الباطل وقد صرحوا بذلك في قولهم: جعل الغواية مركباً، وامتطى الجهل، واقتعد غارب الهوى" (١٣).


(١) أنظر: مجموع الفتاوى: ٣/ ٣٣١.
(٢) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٣١.
(٣) تفسير الثعلبي: ١/ ١٤٩.
(٤) صفوة التفاسير: ١/ ١٧١.
(٥) أخرجه الطبري (٢٩٣): ص ١/ ٢٤٩ - ٢٥٠، وابن أبي حاتم (٨٤): ص ١/ ٣٩.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٨٥): ص ١/ ٣٩.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٠): ص ١/ ٤٠.
(٨) تفسير الطبري: ١/ ٢٤٩.
(٩) تفسير الثعلبي: ١/ ١٤٩.
(١٠) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٣١.
(١١) تفسير النسفي: ١/ ٣٨.
(١٢) تفسير الكشاف: ١/ ٤٥.
(١٣) تفسير النسفي: ١/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>