للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العذاب الأليم} [يونس: ٩٦، ٩٧]، وقال تعالى: {أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار} [الزمر: ١٩] يعني هؤلاء لهم النار؛ انتهى أمرهم، ولا يمكن أن تنقذهم.

٣ - ومنها: أن الإنسان إذا كان لا يشعر بالخوف عند الموعظة، ولا بالإقبال على الله تعالى فإن فيه شبهاً من الكفار الذين لا يتعظون بالمواعظ، ولا يؤمنون عند الدعوة إلى الله.

القرآن

{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)} [البقرة: ٧].

التفسير:

طبع الله على قلوب هؤلاء وعلى سمعهم، وجعل على أبصارهم غطاء؛ بسبب كفرهم وجحودهم وعنادهم مِن بعد ما تبيَّن لهم الحق، فلم يوفقهم للهدى، ولهم عذاب شديد في نار جهنم.

قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: ٧]، " أي: طبع على قلوبهم فلا يدخل فيها نور، ولا يشرق فيها إيمان" (١).

قال ابن عباس: " أي: عن الهدى أن يصيبوه أبدا بغير ما كذبوك به من الحق الذي جاءك من ربك حتى يؤمنوا به وإن آمنوا بكل ما كان قبلك، ولهم بما هم عليه من خلافك عذاب عظيم. فهذا في الأحبار من يهود فيما كذبوا به من الحق بعد معرفته" (٢).

قال الثعلبي: أي: " طبع الله على قلوبهم وأغلقها وأقفلها فليست تعي خبرا ولا تفهمه. يدل عليه قوله: {أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها} [محمد: ٢٤] " (٣).

قال الماوردي: " الختم الطبع، ومنه ختم الكتاب" (٤).

قال ابن عثيمين: أي: " قلوبهم مختوم عليها لا يصدر منها خير، ولا يصل إليها خير" (٥).

قال سعيد المقبري: "ختم الله على قلوبهم بالكفر" (٦).

وروي "عن السدي: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم}، يقول: فلا يسمعون ولا يعقلون" (٧).

وقال أبو مالك: " {ختم الله}، يعني: طبع الله" (٨).

وعن مجاهد: " {ختم الله على قلوبهم}، قال: الطبع ثبتت الذنوب على القلب تحف به من كل نواحيه حتى تلتقي عليه. فالتقاؤها عليه الطبع. والطبع الختم" (٩).

وعن مجاهد أيضا: "الرّانُ أيسَرُ من الطَّبْع، والطَّبع أيسر من الأقْفَال، والأقفال أشدُّ ذلك كله" (١٠).

وسُمِّي القلب قلباً لتقلُّبِهِ بالخواطر (١١)، وقد قيل (١٢):

ما سُمِّيَ الْقَلْبُ إِلاَّ مِنْ تَقَلُّبِهِ ... وَالرَّأْيُ يَصْرِفُ، بالإنْسَانُ أَطْوَارا

واختلف في قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: ٧]، على أقوال (١٣):


(١) صفوة التفاسير: ١/ ٢٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٤): ص ١/ ٤١.
(٣) تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٠.
(٤) النكت والعيون: ٧٢.
(٥) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٣٧.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٦): ص ١/ ٤١.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٥): ص ١/ ٤١.
(٨) أخرجه ابن أبي حااتم (٩٧): ص ١/ ٤١.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٩): ص ١/ ٤١.
(١٠) أخرجه الطبري (٣٠٣): ص ١/ ٢٥٩.
(١١) أنظر: التفسير البسيط: ٢/ ١١٤، والنكت والعيون: ١/ ٧٣.
(١٢) البيت في "التهذيب" (قلب) ٣/ ٣٠٢٦، وكذا "اللسان" (قلب) ٦/ ٣٧١٤، بهذا النص، وورد في القرطبي ١/ ١٦٣، و"الدر المصون" ١/ ١١٤، "روح المعاني" ١/ ١٣٥، شطره الثاني: فاحذر على القلب من قلب وتحويل
غير منسوب في جميع المصادر.
(١٣) انظر: النكت والعيون: ١/ ٧٢ - ٧٣، وتفسير الطبري: ١/ ٢٦٠ - ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>