للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن نسيت عهودا منك سالفة ... فاغفر فأوّل ناس أوّل الناس

قوله تعالى: {مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: ٨]، أي: " يقولون بألسنتهم صدَّقنا بالله" (١).

قال الثعلبي: أي: صدّقنا" (٢).

قال ابن عثيمين: "أي: يقول بلسانه" (٣).

قوله تعالى: {وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: ٨]، "أي وصدَّقنا بالبعث والنشور" (٤).

قال الثعلبي: أي: يوم القيامة" (٥).

وذكروا في سبب تسميته باليوم الآخر وجهان (٦):

أحدهما: قيل: لأنه بعد أيام الدنيا.

الثاني: وقيل: لأنه آخر يوم ليس بعده ليلة، والأيام إنما تتميز بالليالي، فإذا لم يكن بعده ليل لم يكن بعده يوم على الحقيقة.

قال الطبري: "وإنما سُمّى يومُ القيامة {اليومَ الآخر}، لأنه آخر يوم، لا يومَ بعده سواه، فإن قال قائل: وكيف لا يكون بعده يوم، ولا انقطاعَ للآخرة ولا فناء، ولا زوال؟ قيل: إن اليومَ عند العرب إنما سُمي يومًا بليلته التي قبله، فإذا لم يتقدم النهارَ ليلٌ لم يسمَّ يومًا. فيوم القيامة يوم لا ليلَ بعده، سوى الليلة التي قامت في صبيحتها القيامة، فذلك اليوم هو آخر الأيام. ولذلك سمّاه الله جل ثناؤه " اليوم الآخر "، ونعتَه بالعَقِيم. ووصفه بأنه يوم عَقيم، لأنه لا ليل بعده" (٧).

قال الواحدي: و" (اليوم) مقداره من لدن طلوع الشمس إلى غروبها، وجمعه: أيام، وكان الأصل (أيوام) واجتمعت الياء والواو، وسبقت إحداهما الأخرى بالسكون، فأدغمت" (٨).

قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٨] " أي: وما هم "بمصدِّقين، فيما يزعمون أنهم به مُصَدِّقون" (٩).

روي عن سعيد بن جبير: " قوله: {وما هم بمؤمنين}، قال: مصدقين" (١٠).

قال الصابوني: "أي: وما هم على الحقيقة بمصدقين ولا مؤمنين" (١١).

قال البيضاوي: "هذا هو القسم الثالث المذبذب بين القسمين، وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم تكميلاً للتقسيم، وهم أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله لأنهم موهوا الكفر وخلطوا به خداعاً واستهزاءً، ولذلك طول في بيان خبثهم وجهلهم واستهزأ بهم، وتهكم بأفعالهم وسجل على عمههم وطغيانهم، وضرب لهم الأمثال وأنزل فيهم إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وقصتهم عن آخرها معطوفة على قصة المُصِّرِّينَ" (١٢).

واختلف أهل اللغة في أصل (النفاق) على قولين:

أحدها: فقيل: مأخوذ من النفق، وهو السّرب في الأرض الذي يُستَتَر فيه، سمّي النفاق بذلك لأنّ المنافق يستر كفرَه. وبهذا قال أبو عبيد (١٣).


(١) صفوة التفاسير: ١/ ٢٩.
(٢) تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٢.
(٣) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٣٩.
(٤) صفوة التفاسير: ١/ ٢٩.
(٥) تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٢.
(٦) أنظر: التفسير البسيط: ٢/ ١٢٨.
(٧) تفسير الطبري: ١/ ٢٧١ - ٢٧٢.
(٨) التفسير البسيط: ٢/ ١٢٨.
(٩) تفسير الطبري: ١/ ٢٧٢.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠٦): ص ١/ ٤٢.
(١١) صفوة التفاسير: ١/ ٢٩.
(١٢) تفسير البيضاوي: ١/ ٤٣.
(١٣) ينظر: لسان العرب (١٤/ ٢٤٣)، مادة: (نفق).

<<  <  ج: ص:  >  >>