للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابع: أنهم: آمنوا ثم كفروا. قاله مجاهد (١).

وقرأ يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق: {اشْتَرَوِا الضَّلالَةَ}، بكسر الواو، لأنّ الجزم يحرّك الى الكسرة العدوى بفتحها حركة إلى أخف الحركات (٢).

قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ} [البقرة: ١٦]، "أي ما ربحت صفقتُهم في هذه المعارضةِ والبيع" (٣).

قال قتادة: " قد وَالله رأيتموهم خرجوا من الهدى إلى الضلالة، ومن الجماعة إلى الفُرقة، ومن الأمن إلى الخوف، ومن السُّنة إلى البدعة" (٤).

قال الثعلبي: أي: فما ربحوا في تجارتهم" (٥).

قال ابن عثيمين: " أي ما زادت تجارتهم، وهي اشتراؤهم الضلالة بالهدى" (٦).

قال الطبري: " بشرائهم الضلالةَ بالهدى - خسروا ولم يربحوا، لأن الرابح من التجّار: المستبدِلُ من سلعته المملوكة عليه بدلا هو أنفسَ من سلعته المملوكة أو أفضلَ من ثمنها الذي يبتاعها به. فأما المستبدِلُ من سلعته بدلا دُونها ودونَ الثمن الذي ابتاعها به، فهو الخاسر في تجارته لا شكّ. فكذلك الكافر والمنافق، لأنهما اختارَا الحيرة والعمى على الرشاد والهدى، والخوفَ والرعبَ على الحفظ والأمن" (٧).

وقرأ إبراهيم ابن أبي عبلة: {فما ربحت تجاراتهم} بالجمع (٨).

قوله تعالى: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} " أي وما كانوا راشدين في صنيعهم ذلك، لأنهم خسروا سعادة الدارين" (٩).

قال الثعلبي: يعني" من الضلالة" (١٠).

قال الطبري: " ما كانوا رُشداءَ في اختيارهم الضلالةَ على الهدى، واستبدالهم الكفرَ بالإيمان، واشترائهم النفاقَ بالتصديق والإقرار" (١١).

قال ابن عثيمين: " أي ما كانوا متصفين بالاهتداء حينما اشتروا الضلالة بالهدى؛ بل هم خاسرون في تجارتهم ضالون في منهجهم" (١٢).

قال السعدي: " وقوله: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}، تحقيق لضلالهم، وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء، فهذه أوصافهم القبيحة" (١٣).

وفي قوله تعالى: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة: ١٦]، ثلاثة أوجه (١٤):

أحدها: وما كانوا مهتدين، في اشتراء الضلالة.

والثاني: وما كانوا مهتدين إلى التجارة التي اهتدى إليها المؤمنون.

والثالث: أنه لما كان التاجر قد لا يربح، ويكون على هدى في تجارته، نفى الله عنهم الأمرين من الربح والاهتداء، مبالغة في ذمهم.


(١) أنظر: تفسير الطبري (٣٨٣)، و (٣٨٤): ص ١/ ٣١٢.
(٢) أنظر: تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٩.
(٣) صفوة التفاسير: ١/ ٣١.
(٤) أخرجه الطبري (٣٨٥): ص ١: ٣١٦ - ٣١٧.
(٥) تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٩.
(٦) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٦٠.
(٧) تفسير الطبري: ١/ ٣١٥ - ٣١٦.
(٨) أنظر: تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٩.
(٩) صفوة التفاسير: ١/ ٣١.
(١٠) تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٩.
(١١) تفسير الطبري: ١/ ٣١٧.
(١٢) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٦٠.
(١٣) تفسير السعدي: ١/ ٤٣.
(١٤) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>