للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه

ويقال: ضاءت النار، وأضاءت، لغتان (١)، وأضاء السبيل إذا وضح، وكل ما وضح فقد أضاء، وأضاءت الشمس وأضاء القمر (٢)، والذي في الآية واقع" (٣).

قوله تعالى: {ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ} [البقرة: ١٧]، "أي أطفأهم الله بالكلية، فتلاشت النار وعُدم النور" (٤).

قال مجاهد: "ذهاب نورهم: إقبالهم إلى الكفار والضلالة" (٥).

وقوله عز وجل: {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: ١٧]، فيه وجهان (٦):

أحدهما: نور المستوقِد، لأنه في معنى الجمع، وهذا قول الأخفش.

والثاني: بنور المنافقين، لأن المثل مضروب فيهم، قاله الزجاج (٧) والفراء (٨)، وإليه ذهب الطبري (٩)، وهو قول الجمهور.

وفي ذهاب نورهم، وجوه:

أحدها: إقبالهم إلى الكافرين والضلالة. قاله مجاهد (١٠)، والربيع (١١)، وابن زيد (١٢)، وروي عن ابن عباس (١٣) مثل ذلك.

والثاني: ذهب الله بنورهم عند الموت، لأنه لم يكن لها أصل في قلبه. قاله قتادة (١٤)، وروي عن ابن عباس (١٥) مثلل ذلك.

وفي المراد بـ {نورهم} وجهان (١٦)

أحدهما: أنه عَنّى إيمانهم الذي تكلموا به وأظهروه للنبي -صلى الله عليه وسلم-. قاله الضحاك (١٧).

والثاني: ذهب الله بنورهم في الآخرة، حتى صار ذلك سمةً لهم يُعْرَفُونَ بها. وهو قول الأصم (١٨).

قوله تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ} "أي: وأبقارهم في ظلماتٍ كثيفة وخوف شديد، يتخبطون فلا يهتدون" (١٩).

روي عن ابن عباس: " {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ}، يقول: في عذاب (٢٠) إذا ماتوا" (٢١).


(١) انظر "الصحاح" (ضوأ) ١/ ٦٠، "تهذيب اللغة" (ضاء) ٣/ ٢٠٧٧، "اللسان" (ضوأ) ٥/ ٢٦١٨.
(٢) انظر: "القرطبي" في: "تفسيره" ١/ ١٨٥، "زاد المسير" ١/ ٣٩.
(٣) التفسير البسيط: ٢/ ١٨٧ - ١٨٨، وقوله واقع: أي متعد، وقيل: لازم، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٤، "الكشاف" ١/ ١٩٨، "زاد المسير" ١/ ٣٩، "البحر المحيط" ١/ ٧٨، "الدر المصون" ١/ ١٦٠.
(٤) صفوة التفاسير: ١/ ٣١.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (١٦٣): ص ١/ ٥١.
(٦) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٨٠.
(٧) أنظر: معاني القرآن: ١/ ٥٩.
(٨) أنظر: معاني القرآن: ١/ ١٥.
(٩) أنظر: تفسيره: ١/ ٣٤٢. والمعنى عند "الطبري": فلما أضاءت ما حوله: ذلك أن المنافق لم يزل مستضيئا بضوء القول الذي قاله منافقا في حياته، ثم في يوم القيامة أنطفأ ذلك النور، وقال: الهاء والميم في (بنورهم) عائد على (الهاء والميم) في قوله: (مثلهم) ". وبعضهم قال: (الهاء والميم) تعود على (الذي). انظر: "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٣.
(١٠) أنظر: تفسير الطبري (٣٩٣)، و (٣٩٤)، و (٣٩٥): ص ١/ ٣٢٤، وابن أبي حاتم (١٦٣): ص ١/ ٥١.
(١١) أنظر: تفسير الطبري (٣٩٦): ص ١/ ٣٢٤.
(١٢) أنظر: تفسير الطبري (٣٩٧): ص ١/ ٣٢٤.
(١٣) أنظر: تفسير الطبري (٣٨٦)، و (٣٨٨): ص ١/ ٣٢١ - ٣٢٢.
(١٤) أنظر: تفسير الطبري (٣٩٠)، و (٣٩١): ص ١/ ٣٢٢ - ٣٢٣، وابن أبي حاتم (١٦٤): ص ١/ ٥١.
(١٥) أنظر: تفسير الطبري (٣٨٧): ١/ ٣٢١.
(١٦) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٨٠.
(١٧) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٦٥): ص ١/ ٥١.
(١٨) نقله عنه الماوردي في النكت والعيون: ١/ ٨٠.
(١٩) صفوة التفاسير: ١/ ٣١.
(٢٠) أخرجه الطبري (٣٨٧): ص ١/ ٣٢١.
(٢١) أخرجه ابن أبي حاتم (١٦٧): ص ١/ ٥٢. بزيادة"إذا ماتوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>