للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (السماء): كل ما علاك فأظلك، ومنه قيل لسقف البيت: سماء. والسماء: المطر، سمي به لنزوله من السماء. قال حسان بن ثابت: (١)

ديار من بني الحَسْحَاس قَفْر ... تُعفِّيها الرَّوامِسُ والسماءُ

فقوله: السماء: أي المطر.

وقال معاوية بن مالك (٢):

إذا سقط السماءُ بأرض قوم ... رَعَيْناهُ وإن كانوا غِضابا

أراد للسماء المطر، لقربه من السماء (٣).

ويسمى الطين والكلأ أيضا سماء، يقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم، يريدون الكلأ والطين، ويقال لظهر الفرس أيضا سماء لعلوه، وينسب لطفيل الغنوي (٤):

وأحمرَ كالدِّيباج أما سماؤُه ... فرَيَّا وأما أرضه فمُحُولُ

والسماء: ما علا. والأرض: ويعبر بها عن أسفل الشيء، كما يعبر بالسماء عن أعلاه.

قوله تعالى: {فِيهِ ظُلُمَاتٌ} [البقرة: ١٩]، "أي في ذلك السحاب ظلماتٌ داجية" (٥).

واختلف في قوله تعالى: {فِيهِ ظُلُمَاتٌ} [البقرة: ١٩]، على أوجه:

أحدهما: فيه ابتلاء. قاله ابن عباس (٦).

والثاني: "أي هم في ظلمة ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل- على الذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم، على مثل ما وصف من الذي هو في ظلمة الصيب". قاله ابن عباس (٧).

والثالث: الظلمة، والضلالة. قاله الضحاك (٨).

قوله تعالى: {وَرَعْدٌ} [البقرة: ١٩]، أي: " ورعدٌ قاصف" (٩).

وفي تفسير قوله تعالى {وَرَعْدٌ} [البقرة: ١٩] ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الرعد: التخويف. قاله. ابن عباس (١٠).

والثاني: إن الرعد ريح. قاله أبو الجلد (١١).


(١) ديوان حسّان بن ثابت، وليد عرفات: ١/ ٨٠. بنو الحسحاس: قوم من العرب , أولاد الحسحاس بن مالك بن عدي بن النجار. قال ابن فارس: الحسحاس: الرجل الجواد , والروامس: الرياح التي ترمس الآثار فتسوي بها الأرض , والسماء: المطر.
(٢) المفضليات، المفضل الضبي، تحقيق: احمد شاكر وعبدالسلام محمد هارون، دار المعارف/ مصر، ط ٦، ١٩٧٩: ص ٣٥٩.
(٣) تكررت لفظة (السماء) بالإفراد في القرآن الكريم (١٢٠) مرة:
١ - منها ثمان وثلاثون (٣٨) يفهم من مدلولها الغلاف الغازي للأرض بسحبه ورياحه وكسفه؛ كما في قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: ١٦٤]، علماً بأن السحاب يتحرك في نطاق المناخ الذي لا يتعدي سمكه (١٦) كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر عند خط الاستواء، والذي يحوي أغلب مادة الغلاف الغازي للأرض (٧٥% بالكتلة) والقرآن الكريم يشير إلي إنزال الماء من السماء في أكثر من آية، وواضح أن المقصود بالسماء هنا هو السحاب أو النطاق المحتوي علي السحاب والمعروف علميا بنطاق المناخ.
٢ - واثنتان وثمانون (٨٢) آية يفهم منها أن المراد السماء الدنيا غالباً، التي تحوي النجوم والكواكب، ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات: ٦]. [للاستزادة في الموضوع راجع: مقال ("والسماء ذات الرجع" في ضوء علوم الفضاء) للأستاذ الدكتور مسلم شلتوت أستاذ بحوث الشمس والفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بحلوان، ومقال "والسماء ذات الرجع" أ. د زغلول النجار].
(٤) البيت لطفيل الغنوي، وهو في ملحقات شعره ص ٦٢؛ وشمس العلوم ١/ ٧٢. وعجزه في المجمل ٢/ ٩٢.
(٥) صفوة التفاسير: ١/ ٣١.
(٦) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٨٢): ص ١/ ٥٤.
(٧) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٨٣): ص ١/ ٥٤.
(٨) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٨٤): ص ١/ ٥٤.
(٩) صفوة التفاسير: ١/ ٣١.
(١٠) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٨٦): ص ١/ ٥٥.
(١١) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٨٧): ص ١/ ٥٥، وتفسير الطبري (٤٣٧)، و (٤٣٨): ص ١/ ٣٤١ - ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>