للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن عجَزتم الآن -وستعجزون مستقبلا لا محالة- فاتقوا النار بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وطاعة الله تعالى. هذه النار التي حَطَبُها الناس والحجارة، أُعِدَّتْ للكافرين بالله ورسله.

قوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا} [البقرة: ٢٤]، "أي فإِن لم تقدروا على الإِتيان بمثل سورةٍ من سوره، وعجزتم في الماضي عن الإِتيان بما يساويه أو يدانيه، مع استعانتكم بالفصحاء والعباقرة والبلغاء" (١).

قال قتادة: "فإن لم تطيقوه" (٢).

قوله تعالى: {وَلَن تَفْعَلُوا} [البقرة: ٢٤]، "أي ولن تقدروا في المستقبل أيضاً على الإِتيان بمثله" (٣).

قال قتادة: " ولن تطيقوه" (٤).

قال ابن كثير: تحداهم القرآن" مع أنهم أفصح الأمم، وقد تحداهم بهذا في مكة والمدينة مرات عديدة، مع شدة عداوتهم له وبغضهم لدينه، ومع هذا عجزوا عن ذلك" (٥).

قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ} [البقرة: ٢٤]، "أي فخافوا عذاب الله، واحذروا نار الجحيم التي جعلها الله جزاء المكذبين" (٦).

قوله تعالى: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: ٢٤]، "أي اتقوا النار التي مادتُها التي تُشعل بها وتُضرم لإِيقادها هي الكفار والأصنام التي عبدوها من دون الله" (٧).

وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} الوَقود بالفتح الحطب، والوُقود بالضم التوقُّد، والحجارة من كبريتٍ أسود، وفيها قولان (٨):

أحدهما: أنهم يعذبون فيها بالحجارة مع النار، التي وقودها الناس، وهذا قول ابن مسعود (٩)، والسدي (١٠).

والثاني: أن الحجارة وقود النار مع الناس، ذكر ذلك تعظيماً للنار، كأنها تحرق الحجارة مع إحراقها الناس.

قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: ٢٢٤]، "أي هُيّئت تلك النارُ وأُرصدت للكافرين الجاحدين، ينالون فيها ألوان العذاب المهين" (١١).

قال الطبري: " أعدّت النارُ للجاحدين أنّ الله رَبُّهم المتوحِّدُ بخلقهم وخلق الذين من قبلهم" (١٢).

قال ابن عباس: " أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر" (١٣).

وقد ذكروا في قوله تعالى {أُعِدَّتْ للْكَافِرِينَ} [البقرة: ٢٢٤]، وجهين (١٤):

أحدهما: أنها وإن أعدت للكافرين، فهي معدة لغيرهم من مستحقي العذاب من غير الكافرين، وهي نار واحدة، وإنما يتفاوت عقابهم فيها.

والثاني: أن هذه النار معدة للكافرين خاصة، ولغيرهم من مستحقي العذاب نارٌ غيرها.


(١) صفوة التفاسير: ١/ ٣٥.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٤٣): ص ١/ ٦٤.
(٣) صفوة التفاسير: ١/ ٣٦.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٤٣): ص ١/ ٦٤.
(٥) تفسير ابن كثير: ١/ ١٩٩.
(٦) صفوة التفاسير: ١/ ٣٦.
(٧) صفوة التفاسير: ١/ ٣٦.
(٨) النكت والعيون: ٨٤ - ٨٥.
(٩) أنظر: تفسير الطبري (٥٠٥): ص ١/ ٣٨٢.
(١٠) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٢٤٥): ص ١/ ٦٤.
(١١) صفوة التفاسير: ١/ ٣٦.
(١٢) تفسير الطبري: ١/ ٣٨٢.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٤٨): ص ١/ ٦٥.
(١٤) النكت والعيون: ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>