للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الدلالة: أن القادر على إخراج النار الحارة اليابسة من الشجر الأخضر مع ما بينهما من تضاد قادر على إحياء العظام وهي رميم.

الدليل الرابع: قوله تعالى: {أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى} (يس: ٨١)

ووجه الدلالة: أن خلْق السموات والأرض أكبر من خلق الناس؛ والقادر على الأكبر قادر على ما دونه.

الدليل الخامس: قوله تعالى: {وهو الخلَّاق العليم} [يس: ٨١]؛ فـ {الخلاق} صفته، ووصفه الدائم؛ وإذا كان خلَّاقاً، ووصفه الدائم هو الخلق فلن يعجز عن إحياء العظام وهي رميم.

الدليل السادس: قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} [يس: ٨٢]: إذا أراد شيئاً مهما كان؛ و {شيئاً}: نكرة في سياق الشرط، فتكون للعموم؛ {أمره} أي شأنه في ذلك أن يقول له كن فيكون؛ أو {أمره} الذي هو واحد "أوامر"؛ ويكون المعنى: إنما أمره أن يقول: "كن"، فيعيده مرة أخرى.

ووجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى لا يستعصي عليه شيء أراده.

الدليل السابع: قوله تعالى: {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء}: كل شيء فهو مملوك لله عزّ وجلّ: الموجود يعدمه؛ والمعدوم يوجده؛ لأنه رب كل شيء.

ووجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى نزه نفسه؛ وهذا يشمل تنزيهه عن العجز عن إحياء العظام وهي رميم

الدليل الثامن: قوله تعالى: {وإليه ترجعون}.

ووجه الدلالة: أنه ليس من الحكمة أن يخلق الله هذه الخليقة، ويأمرها، وينهاها، ويرسل إليها الرسل، ويحصل ما يحصل من القتال بين المؤمن، والكافر، ثم يكون الأمر هكذا يذهب سدًى؛ بل لابد من الرجوع؛ وهذا دليل عقلي.

فهذه ثمانية أدلة على قدرة الله على إحياء العظام وهي رميم جمعها الله عزّ وجلّ في موضع واحد؛ وهناك أدلة أخرى في مواضع كثيرة في القرآن؛ وكذلك في السنة.

٦ ومن فوائد الآية: أن الخلق مآلهم، ورجوعهم إلى الله عزّ وجلّ.

القرآن

{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)} [البقرة: ٢٩]

التفسير:

هو الذي أوجد لكم - براً بكم ورحمة - جميع ما على الأرض من الأشجار، والزروع، والأنهار، والجبال .. للانتفاع والاستمتاع والاعتبار، ثم قصد إلى السماء، فجعلها سبع سماوات سوية طباقاً غير متناثرة قوية متينة، وهو لا يخفى عليه شيء سبحانه.

قال المفسرون: "لما استعظم المشركون أمر الإعادة عرفهم خلق السموات والأرض، ليدل بذلك على أن إعادة الحياة فيهم وقد خلقهم أولاً ليس بأكثر من خلقه السموات والأرض وما فيهما" (١).

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ} [البقرة: ٢٩]، "أي: أوجد عن علم وتقدير على ما اقتضته حكمته جلّ وعلا، وعلمه" (٢).

قال السعدي: " أي: خلق لكم، برا بكم ورحمة" (٣).

قوله تعالى: {مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩]، أي: "جميع ما على الأرض، للانتفاع والاستمتاع والاعتبار" (٤).

قال قتادة: " أي سخر لكم ما في الأرض جميعا كرامة من الله، ونعمة لابن آدم" (٥).


(١) التفسير البسيط: ٢/ ٢٩٤، وذكره أبو الليث عن الكلبي ١/ ٣٠٩، والآية فيها دلائل نعمه عليهم مما يوجب عليهم شكره، ودلائل توحيده، وانظر: تفسير ابن كثير ١/ ٧٢.
(٢) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٠٩.
(٣) تفسير السعدي: ١/ ٤٨.
(٤) تفسير السعدي: ١/ ٤٨.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٠٧): ص ١/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>