للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن تتابع الإضافات: قول ابن بايك:

حمامة جوعى حومة الجندل إسجعي ... فأنت بمرأى من سعاد ومسمع

ولكن هذا القول مردود بأن كلا من كثرة التكرار، وتتابع الإضافات إن ثقل اللفظ بسببها على اللسان، فقد حصل الاحتزاز عنه بالتنافر، وإلا فلا تخل بالفصاحة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف ابن يعقوب بن اسحق، بن إبراهيم"

يقول عبد القاهر الجرجاني: قال الصاحب: إياك والإضافات المتداخلة فإنها لا تحسن، وذكر أنها تستعمل في الهجاء، كقوله:

يا علي بن حمزة بن عمارة ... أنت والله ثلجة في خيارة

ثم قال الشيخ عبد القاهر: ولا شك في ثقل ذلك في الأكثر، لكنه إذا سلم من الاستكراه ملح ولطف كقول عبد الله بن المعتز:

فظلت تدير الكأس أيدي جآذر ... عتاق دنانير الوجوه ملاح

والحق أن كلا من كثر التكرار، وتتابع الإضافات لا يخل بفصاحة الكلام، لمجيئهما في القرآن الكريم، كقوله تعالى: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ} وقوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا}، وقوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}.

وأما فصاحة المتكلم:

فهي ملكة يستطيع بها التعبير عن مقصوده بلفظ فصيح.

والملكة: هيئة راسخة في النفس، والتعبير بها هنا يشعر بأن الفصاحة من الهيئات الراسخة في النفس، ولهذا فغن من يعبر عن مقصوده بلفظ فصيح لا يعد فصيحاً إلا إذا كانت الصفة التي استطاع بها التعبير عن مقصوده، بلفظ فصيح راسخة فيه.

<<  <   >  >>