للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيفرح إن مات الغطمش عصبة ... إذا فاء من رهط الغطمش رضع

فيا فرحة ما يفرحن عدونا ... إذا ما جرت فوقي أما ليس بلقع

حيث أجرى الحديث عن نفسه على طريق الغيبة مقدراً موته، فقال (إن مات الغطمش) ولم يقل: إن مت، ثم التفت فأجرى الحديث على طريق التكلم، فقال: (إذا ما جرت فوقي أما ليس بلقع).

وذلك لأنه يريد أن يثبت لأعدائه أنه ما زال حياً فلا يفرحوا.

[الصورة السادسة: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب]

ويمثلون لها بقول الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فقد التفت في الآية الكريمة من الغيبة في قوله {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} إلى الخطاب في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وذلك لأنه بدأ الحديث عن الله تعالى معظماً لشأنه معدداً لصفات عظمته التي توجب العبادة له وحده، فلما حان وقت عبادته خاطبه خطاب الحاضر الذي لا يغيب عنه طرفة عين.

وقد قالوا في هذه الآية - أيضاً - إن المعاني السابقة من حمد الله تعالى والثناء عليه، وذكر ربوبيته للعالمين ورحمته الغامرة، وملكه ليوم الدين تحث النفوس على الإقبال نحو الحق متجهة إليه بالخطاب معلنة وحدانيته بالعبادة والاستعانة" (١).

وإليك قول السلكة أم السليك تبكي ولدها بعد أن علمت بقتله (٢)


(١) خصائص التراكيب ٢٠١.
(٢) ديوان الحماسة لأبي تمام ١/ ٣٨٥.

<<  <   >  >>