موضوعات هذا الفصل - وإن لم تكن كلها من باب المسند إليه - إلا أن ثمة إطاراً يجمعها كلها، وهو: أنها قد أخرجت كلها على خلاف مقتضى ظاهر الحال.
ومعنى هذا: أن يكون ظاهر الحال يقتضي مجيء الكلام على صورة معينة، ليخالف المتكلم هذا الظاهر، ويجيء به على صورة أخرى لأغراض بلاغية يراعيها في كلامه.
وقد عدوا من هذا الباب: وضع المضمر موضع المظهر وعكسه، لأن فيه مخالفة من إظهار إلى إضمار، ومن إضمار إلى إظهار، والالتفات: لأن فيه مخالفة من خطاب إلى غيبة، ومن غيبة إلى خطاب، وهكذا، وأسلوب الحكيم: لأن فيه مخالفة ما يقر به السامع، أو ما يتطلبه السائل. والقلب: لأن فيه مخالفة بوضع بعض أجزاء الكلام مكان بعض. والتعبير عن المستقبل بلفظ الماضي والعكس: لأن فيه مخالفة التعبير عن الفعل بغير صيغته.
وهكذا ترى أنهم جمعوا هذه الموضوعات الخمسة في إطار واحد، وهو أنها كلها قد أخرجت على خلاف ما يقتضيه ظاهر الحال.
وإليك تفصيلها موضوعاً موضوعاً:
أولاً: وضع المضمر موضع المظهر وعكسه:
أما وضع المضمر موضع المظهر: فله صورتان:
الصورة الأولى: صورة أسلوب المدح أو الذم بنعم أو بئس. أو ما دل على معنيهما، لأن في الإضمار إيضاحاً بعد إبهام، أو تفصيلاً بعد إجمال،