عرفت أن علم المعاني هو بعينه نظرية النظم البلاغي التي أدار عليها عبد القاهر كتابه دلائل الإعجاز، وأنهم قد أخذوا لفظة "المعاني" من قول عبد القاهر: النظم هو تتبع معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يصاغ لها الكلام.
وقد عرف البلاغيون علم المعاني بأنه "علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال" وأحوال اللفظ التي بها يطابق مقتضى الحال، هي ما يعرض له من تقديم، وتأخير، وتعريف، وتنكير وغير ذلك.
وهناك أحوال للفظ ليست بهذه ص ١١٨، كالإعلال، والإدغام، والرفع والنصب وما أشبه ذلك مما لابد منه في تأدية المعنى؛ ولكنها ليست مما يبحث في علم المعاني، بل إنها تبحث في علمي: النحو والصرف.
على أن علم النحو قد درس أحوال التقديم والتأخير، والتعريف والتنكير، وغيرها مما يدرسه علم المعاني، ولكنه قد درسها من ناحية أخرى، فقد درس جواز التقديم وامتناعه ووجوبه، وجواز الحذف وامتناعه ووجوبه، وأنواع التعريف وأحكام التنكير، ولكنه لم يتناولها من حيث وقوعها مطلباً بلاغياً يقتضيه المقام، وتدعو إليه الحال:
وهذا هو الفرق بين البلاغة والنحو: موضوعات البلاغة تبحث في علم النحو، ولكن النحوي يبحثها من حيث الصحة وعدمها، والبلاغي يبحثها من حيث مطابقتها لأحوال السامعين.
وقد حصر البلاغيون علم المعاني في ثمانية الأبواب التالية.