[والتعقيد معناه: ألا يكون الكلام ظاهر الدلالة على المعنى المراد؛ وله سببان]
السبب الأول: لفظي، وهو: ألا يكون ترتيب الألفاظ على وفق ترتيب المعاني بسبب تقديم أو تأخير، أو حذف، أو إضمار، أو غير ذلك مما يوجب صعوبة فهم المراد، فيختل نظم لكلام ولا يدري السامع كيف يتوصل منه إلى معناه، كقول الفرزدق في مدح خال هشام بن عبد الملك:
وما مثله في الناس إلا مملكاً ... أبو أمه حي أبوه يقاربه
أي: ليس مثله في الناس حي يقاربه، أي أحد يشبهه في الفضائل إلا مملك أعطى الملك والمال أبو أمه، أي أبو أم ذلك المملك أبوه، أي أبو الممدوح، والجملة صفة مملكاً، أي: لا يماثله أحد إلا ابن أخته الذي هو هشام.
وكان حقه أن يقول: وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملك أبو أمه أبوه.
ولكنه فصل بين المبتدأ والخبر، وهو: أبو أمه أبوه، بالأجنبي، وهو: حي، وبين الصفة والموصوف: وهو حي يقاربه بالأجنبي الذي هو: أبوه، وقدم المستثنى، وهو: مملكاً على المستثنى منه، وهو: حي.
فالكلام الخالي من التعقيد اللفظي: هو ما سلم نظمه من الخلل، فلم يكن فيه ما يخالف الأصل من تقديم أو تأخير أو إضمار أو غير ذلك إلا وقد قامت عليه قرينة لفظية أو معنوية.
ولعلك على ذكر مما أسلفناه لك، من أن القاضي الجرجاني في وساطته