للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تقديم المفعول على الفعل]

الأصل في الفعل أن يتقدم على معموله، وقد يقدم معمول الفعل عليه لإفادة التخصص:

ومعنى التخصيص هنا: هو قصر الفعل على معموله بحيث لا يتعداه إلى غيره؛ كما في قوله الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي: لا نعبد غيرك ولا نستعين به.

وكما تقول: عليا أكرمت؛ لإفادة قصر الإكرام على "على".

ومن منا يعلم أنه لا يصح أن تقول: (ما محمداً لقيت ولا غيره) في مقام الرد على من أعتقد أنك لقيت محمداً -؛ لأن تقديم المفعول يفيد وقوع اللقاء على غير محمد، تحقيقاً لمعني الاختصاص، وقولك: ولا غيره ينفي وقوح اللقاء على غير محمد، فيكون منطوق "ولا غيره"، مناقضاً لمفهوم (ما محمداً لقيت) وهذا باطل، والصحيح أن يقال: (ما محمداً لقيت) بدون عطف.

كما أنه لا يجوز أن تقول (ما عمراً أهنت لكن أكرمته) - في مقام الرد على من أعتقد أنك أهنت عمراً.

ذلك لأن القديم المفعول يفيد أنك أهت غير عمرو، وأنه لا خلاف في وقوع الفعل قضاءً لحق الاختصاص، والعطف بلكن يفيد أن الخلاف في وقوع الفعل، وفي هذا تدافع، فالنزاع في متعلق الفعل المذكور، هل هو عمرو أو غيره، وليس النزاع في الفعل نفسه هل هو الإكرام أو الإهانة، فالصواب حينئذٍ أو يقال: (لكن بكراً).

يقول عبد القاهر في الفرق بين تقديم الفعل وتقديم المفعول: "إذا

<<  <   >  >>