الفرق بين إثبات المعني عن طريق الاسم، وإثباته عن طريق الفعل فرق لطيف ودقيق تمس الحاجة في علم البلاغة إليه - كما يقول الإمام عبد القاهر -.
وهذا الفرق هو: أنك إذا عبرت عن معني بطريق الاسم، فقلت - مثلا - (زيد منطلق) كنت قد أفدت انطلاقاً ثابتاً، ولكنك إذا قلت:(زيد منطلق) كنت قد أفدت انطلاقا يتجدد، فصيغة الاسم تدل علي الثبوت من غير تجدد، وصيغة الفعل تدل علي الحدوث والتجدد.
فقولك: زيد منطلق مثل قولك: زيد طويل، من حيث دلالته علي أنه طويل دون أن يشعر بتجدد الطول وحدوثه، وقولك زيد ينطلق، مثل قولك: زيد يطول، من حيث دلالته علي حدوث الطول وتجدده.
ويظهر هذا الفرق واضحاً في قولك: الورد أحمر، وقولك: الوجه يحمر من الخجل، فقولك:(أحمر) أفاد أن الحمرة صفة ثابتة في الورد لا تحدث ولا تتجدد.
وقولك (يحمر) أفاد أن الوجه يتحول إلى الحمرة شيئاً فشيئا، فالحمرة فيه تحدث وتتجدد وإذا اتضح لك هذا الفرق بين التعبير عن المعني بالاسم، والتعبير عنه بالفعل، عرفت أن التعبير عن المعني بالاسم له مقام يقتضيه، والتعبير عنه بالفعل له، أيضاً، مقام يقتضيه.