للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٧ - الالتفات]

هو من قولهم، التفت وجهه عنه صرفه، والتفت التفاتاً، والتفت أكثر منه، قال الحماسي (١):

تلفت نحو الحي حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتا وأخدها

وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ... على كبدي من خشية أن تصدعا

الليث: صفحة العنق، والأخدع: عرق فيها.

لما حان فراق الشاعر صار يكثر من الالتفات جهة الحي الذي يضم بين جنباته حبه وهواه، حتى وجد نفسه موجوع الليث والأخدع، لدوام التفاته تحسرا على ما فاته من أحبة وديار، ولكنه عندما يتذكر أوقاته بالحي وما كان بينه وبين أحبته من أسباب الوصال، ينثني على كبده فيقبض عليها خشية تشققها من موضعها شوقاً إلى أحبابها.

فقد تلفت الشاعر تلفتاً، أو التفت التفاتاً كثيراً، ولكنه - كما نرى - التفات لغوي، وليس التفاتاً بلاغياً، لأنه لا يعدو أن يكون انصراف وجهه من جهة إلى أخرى، ولهذا وجعت صفحة عنقه.

وأم الالتفات البلاغي فلا تظن أن أحداً قد سبق الأصمعي المتوفي سنة ٢١٦ هـ في إطلاق هذه التسمية عليه، فقد قال ابن رشيق: (٢) وحكى


(١) ديوان الحماسة لأبي تمام ٢/ ٥٦.
(٢) العمدة ٢/ ٤٤ والصناعتين ٣٨١.

<<  <   >  >>