قالوا: إن التعريف المسند إليه بالإضافة يكون لأنه ليس للمتكلم إلى إحضاره في ذهن السامع طريق أخصر منها، وذلك إذا كان المقام يقتضي الإيجاز والاختصار، لفرط السآمة وضيق الصدر لحزن أو ألم.
وشاهدهم على ذلك قول جعفر بن علبة الحارثي، وهو سجين بمكة، وكان قد قتل واحداً من بني عقيل فسجن، وجاءه ركب من اليمن - وفيهم محبوبته - فعزم الراكب على الرحيل فقال:
هواي مع الراكب اليمانين مصعد ... جنيب وجثماني بمكة موثق
عجبت لمسراها وأنى تخلصت ... إلى وباب السجن دوني مغلق
ألمت فحيت، ثم قامت فودعت ... فلما تولت كادت النفس تزهق
فلا تحسبي أني تخشعت بعدكم ... لشيء ولا أني من الموت أفرق
ولا أن نفسي يزدهيها وعهدهم ... ولا أنني بالمشي في القيد أخرق
ولكن عرتني من هواك ضمانة ... كما كنت ألقى منك إذ أنا مطلق
يقول الشاعر - تحسراً على ما هو فيه من السجن وابتعاد حبيبته -: إن من أهواها مع الركب المسافر إلى اليمن مبتعدة عني وأنا سجين مقيد بمكة، ليس في استطاعتي أن أودعها ولا أن أتزود منها بنظرة واحدة،