الكلمات المفردة لا تستطيع الاستفادة منها، ولا تعطيك معنى من المعاني إلا إذا كانت مرتبطة ببعضها؛ متعلقاً بعضها ببعض، آخذاً حجزها بحجر بعض، وكونت منها نوعاً من التأليف، وصفتها صياغة خاصة، شعراً كانت أو نثراً.
وحينئذ تعطيك المعاني التي تريد التعبير عنها، وتحمل أفكارك التي تريد أن تفضي بها؛ وتصور خلجات نفسك، وما يعتمل في صدرك من عواطف وانفعالات، وتبرز ما يدور بخلدك من قضايا فكرية علمية كانت أو أدبية.
وعلى قدر قوة ارتباط كلماتك ببعضها، وحسن صياغتك لمفردات كلامك يكون حظها من البلاغة ويكون حظك من الإحسان والإجادة. "فمهادة الأديب، ونبوغ الشاعر، وعبقرية اللغة؛ كل هذا يكمن فيما بين الكلم من ترابط وصلات؛ فحذق الأديب والشاعر يظهر في مقدرته الفائقة على صياغة كلم اللغة، صياغة بصيرة واعية، تصف كل خاطرة من خواطر نفسه، وتفصح عن كل فكرة تومض في كيانه، أو شعور يختلج في مطاويه، وعبقرية اللغة تكمن في مرونتها وطواعيتها وإفادتها دقيق المعاني بوجوه