للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يشمل خلق السموات والأرض ولهذا كان في الإيجاز يحذف الشد مندوحة عن هذه الإطالة.

ولعل أهم غرض من أغراض ذكر المسند إليه هو التقرير والإيضاح كما يقول الدكتور محمد أبو موسى - لأن الأغراض التي أسلفناها ربما كانت ضيقة المجال، كالتنبيه على غبارة السامع الذي ينحصر غالباً في مقامات الخطاب، وربما كان بعضها محدود القيمة، ككونه والأصل ولا مقتضي للعدول عن ذلك الأصل.

والمعاني الأدبية لا يكفي فيها ما يكفي في الحالات الخطابية من مجرد الإفهام، وإنما هي محتاجة فوق ذلك إلى مزيد من التقرير والتأكيد حتى تؤثر في النفس وتداخل القلب وتتعمق في الشعور، وذلك غاية الكلام البليغ (١).

ثانياً: تكرار المسند:

إذا كان ذكر المسند يقرر المعني في النفس ويثبته، فإن تكريره مما يعين على زيادة تقريره، وتثبيته، بل إنه ليبلغ به للغاية في هذا التقرير والتثبيت، ولهذا يعمد القرآن الكريم - في مواطن كثيرة منه - إلى أسلوب التكرار، ليوثق المعاني في النفوس، ويثبتها في الأذهان: ويمكنها من العقول:

وسورة الرحمن خير شاهد على هذا، فيعد كل نعمة من نعمه تعالي يرهفها بقوله: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، أي ليس هناك من النعم التي أسبغها الله على الثقلين ما يمكن أن يكذب.

ومنه قول الله تعالي: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المُرْسَلِينَ، إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ، إنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ، ومَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ


(١) ... خصائص التراكيب، ص ٢٣٠.

<<  <   >  >>