للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكالتعريض بغبارة السامع، كقولنا: "محمد نبينا" في جواب من سأل: من نبيكم؟ تعرضاً بغبارة من سأل هذا السؤال وأنه لو كان له تمييز لم يسأل عن بني هو أظهر من يتوهم خفاؤه، فيجاب يذكر أجزاء الجملة إعلاماً بأن مثل هذا لا يكفي معه إلا التنصيص، لعدم فهمه بالقرائن الواضحة.

ولذلك يذكر المسند لزيادة تقريره في نفس السامع وتثبيته في ذهنه، لأنه مما يتعلق به الغرض وذلك كما في قول الله تعالي: "ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقوان خلقهن العزيز العلمي (١)، فلو حذف المسند لدل السؤال عليه، ولكنه ذكر المسند وهو: (خلق) لزيادة تقرير خلق السموات والأرض.

وقد ذكر العلامة السعد هذه الآية الكريمة مثالاً لذكر المسند احتياطاً لضعف التعويل على القرينة ولكن رد عليه يقول الله تعالي: " {ولَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (٢)} إذ السائل هنا هو السائل هناك والمسئول هنا هو المسئول هناك، فكيف يضعف التعويل على القربنة في أحدهما دون الآخر؟ !

والحق انا لمسند قد ذكر في الآية الأولى لزيادة تقرير خلق السموات والأرض وتثبيته في نفوس المشركين ولكنه حذف في الثانية إثباراً للإيجاز والاختصار اعتماداً على مجيئه في جواب سؤال محقق لأنه لو لم يحذف لقيل: خلق الله السموات والأرض، وسخر الله الشمس والقمر، لأنه لو قيل في الجوانب: خلقن الله، لم يشمل تسخير الشمس والقمر، ولو قيل: سخرهما الله"


(١) ... الزخرف ٩.
(٢) ... العنكبوت ٦١.

<<  <   >  >>