للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنهار لا يبصر ولكن يبصر الناس فيه، فإسناد الإبصار إلى النهار مجاز عقلي علاقته الزمانية.

ومن المتداول في هذا الباب قول جرير:

لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ... ونمت، وما ليل المطى بنائم

فقد أسند النوم إلى الليل، والليل لا ينام، وإنما ينام الشاعر فيه، فهو مجاز عقلي علامته الزمانية.

ومنه قول أبي البقاء الرندي:

هي الأمور - كما شاهدتها - دول ... من سره زمن ساءته أزمان

فقد أسند فعل السرور والإساءة إلى الزمان، وهو لا يقع منه ذلك ولكن يقع فيه.

[٥ - المكانية]

وهي أن يسند الفعل إلى مكانه، ومن أمثلته قولهم: طريق سائر، ونهر جار فقد أسند السير إلى الطريق، والطريق لا يسير وإنما يسير الناس فيه، فإسناد السير إلى الطريق مجاز عقلي علاقته المكانية.

وكذلك أسند الجريان إلى النهر، وإنما يجري الماء فيه، فإسناد الجريان إلى النهر مجاز عقلي علاقته المكانية.

قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ} (١) فالأنهار اسم لمكان جريان الماء، فالأنهار لا تجري في الحقيقة، ولكن تجري المياه فيها، فإسناد الجريان إلى الأنهار مجاز عقلي علاقته المكانية.


(١) ... الأنعام: ٦.

<<  <   >  >>