للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ذلك تأكيد المعنى في ذهن السامع، وتقوية له، بإيراده مرة مبهماً أو مجملاً، ومرة أخرى موضحاً أو مفصلاً.

ومثال ذلك قولك: نعم بطلاً خالد، وبئس صاحباً إبليس، فالمسند إليه ضمير مستتر في نعم وبئس، مع أنه لم يتقدم له مرجع يرجع إليه، لأنهم اشترطوا للإضمار: أن يتقدم الضمير مرجع لفظاً، أو معنى، أو رقية، أو تدل عليه قرينة، ولا مرجع الضمير هنا، ولا دلت عليه قرينة، ولهذا كان المقام - في الظاهر - للإظهار، بأن يقال: نعم البطل خالد، وبئس الصاحب إبليس، ويكون البطل فاعلاً ظاهراً لنعم، والصاحب فاعلاً ظاهراً لبئس، ولكنهم خالفوا الإظهار إلى الإضمار، لما في الإضمار من فضل تأكيد المعنى وتقويته، لأنك تورد المعنى فيه مكرراً، فمرة مبهماً أو مجملاً، ومرة أخرى موضحاً، أو مفصلاً.

هذا كله إذا كان المخصوص بالمدح أو الذم مبتدأ محذوف الخبر، أو خبراً محذوف المبتدأ: أي: خالد الممدوح، وإبليس المذموم، أ: هو خالد، وهو إبليس.

أما إذا جعلنا المخصوص مبتدأ، والجملة قبله خبراً عنه، فلا شاهد فيه، لأن الضمير حينئذ يكون راجعاً - في أرجح الأقوال - إلى المخصوص بالمدح أو الذم، وهو - وإن تأخر لفظاً - متقدم رقبة، لأنه مبتدأ.

والصورة الثانية: ضمير الشأن أو القصة: ولا يأتي الكلام مبقياً عليهما إلا إذا كان المعنى الذي توارى خلفهما من المعاني المهمة لدى المتكلم، والتي يحسن تهيئة النفوس لتلقيها.

ومن المعاني الجليلة التي توارت خلف ضمير الشأن قول الله تعالى:

<<  <   >  >>