للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (١) فقد ذكر ضمير الشأن (هو) وفسره بالجملة التي بعده وهي: (الله أحد).

وواضح أن هذا المعنى هو الذي قامت على سره الأكوان، فليس هناك معنى هو أجدر منه بالاهتمام.

ومنه قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} فقوله: (فإنها) ضمير القصة، وقد فسره بقوله: {لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، وفي هذا الإضمار تهيئة للنفوس لتلقي هذا المعنى الجليل، وهو تفسير موقف العقول المنكرة من الأدلة الواضحة.

وقوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} (٢) فالهاء من (أنه) ضمير الشأن، وقد هيأ هذا الإضمار للنفوس تلقي هذا الأمر الجليل وهو أن مخالفة الله تعالى مآل صاحبها الإحراق بنار جهنم والعياذ بالله، ومثله قوله تعالى: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.

وأمثلة هذا اللون من التعبير - في القرآن الكريم أكثر من أن تحصى.

وإليك من فصيح الشعر طائفة يميزها هذا الأسلوب في أغراض شتى:

قال الحريث بن زيد - وكان قد قتل رجلاً يدعي أبا سفيان في ابن عم له يدعى أوس بن خالد، وهرب إلى الشام - (٣):

ألا بكر الناهي بأوس بن خالد ... أخي الشقوة الغبراء والزمن المحل


(١) الإخلاص: ١.
(٢) التوبة: ٦٣.
(٣) ديوان الحماسة لأبي تمام ١/ ٣٥٨.
(٢٠ - النظم البلاغي)

<<  <   >  >>