للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن يقتلوا بالغدر أوسا فإنني ... تركت أبا سفيان ملتزم الرحل

فلا تجزعي يا أم أوس فإنه ... نصيب المنايا كل حاف وذي فعل

الشتوة الغبراء: الأرض اليابسة لتي تهب فيها الريح فتثير الغبار، والمحل: الجدب. ملتزم الرحل: ملتزم السرج. أم أوس: بنت القتيل.

يقول: لقد بادر الناعي وأخبر بموت أوس بن خالد الذي كان ملجأ القوم عند الجدب وانقطاع المطر فإن كانوا قد قتلوا أوساً غدراً، فلقد تركت لهم أبا سفيان صريعاً فوق فرسه، فلا يشتد حزنك يا أم أوس على أبيك، فالموت حتم على جميع الناس غنيهم وفقيرهم.

والشاهد قوله: (فإنه) حيث أتى بضمير الشأن مفسراً بالجملة - التي بعده وهو (تصيب المنايا كل حاف وذي نعل) ولا شك أن في هذا الإضمار ما يجعل المتلقي يتطلع إلى البحث عن مرجع الضمير يؤول إليه، ويهيئه لكي يتلقى هذا الخبر المهم، وهو أن المنايا لا تفرق بين الأغنياء والفقراء.

وقال عويف القوافي الفزاوي، في عبينة بن أسماء، لما حبسه الحجاج وقيده - وكانت بين عويف وعبينة خصومات من قبل (١):

لما أتاني عن عبينة، أنه ... أمسى عليه تظاهر الأقياد

خلت له نفسي النصيحة إنه ... عند الشدائد تذهب الأحقاد

يقول: على الرغم مما كان بيننا من خصومات، فإنني عندما علمت بأنه أضحى مثقلاً بقيوده، ذهب ما كان في صدري، وعطفت عليه، فإن المصائب تذهب العداوات.


(١) ديوان الحماسة لأبي تمام ١/ ٩٧.

<<  <   >  >>