للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاهد قوله: (إنه عند الشدائد تذهب الأحقاد) حيث أتى بضمير الشأن، مفسراً بالجملة بعده وهي: قوله: (عند الشدائد تذهب الأحقاد) وفي هذا الإضمار ما يهيئ السامع لتلقي هذا الخبر المهم، وهو: أن الشدائد تذهب الأحقاد وتصفي النفوس.

وقال طرفة بن العبد - في ابن عم كان مبغضاً له - (١):

وأنت على الأدنى شمال عرية ... شآمية تزري الوجوه بليل

وأنت على الأقصى صبا غير قرة ... تذاءب منها مرزغ ومسيل

وأعلم علماً ليس بالظن أنه ... إذا ذل مولى المرء فهو ذليل

وأن لسان المرء ما لم تكن له ... حصاة على عوراته لدليل

شمال عرية: ريح باردة تأتي من ناحية الشمال. تزري الوجوه: تقبضها. بليل: باردة معها ندى. غير قرة: غير باردة. تذاءب: من التذاؤب وهو مجيء الريح من كل جانب. مرزغ: مطر يأتي بالرزغة، أي الوحل الغليل. ومسيل: مطر يأتي بالسيل.

يقول: إنك على أقاربك - في الأذى - كالريح الباردة التي تتغير منها الوجوه وتتقلص منها الشفاه، ولكنك على الأباعد سمح كريم.

ويقيني: أن الإنسان قامع لمولاه: فإن كان عزيزاً كان مثله عزيزاً، وإن كان ذليلاً كان مثله ذليلاً، وأن الإنسان إذا لم يكن له عقل يحفظ به سره ظهرت عيوبه على فلتات لسانه.

والشاهد قوله: (إنه إذا ذل مولى المرء فهو ذليل) حيث أتى بضمير الشأن مفسراً بالجملة الشرطية بعده.


(١) ديوان الحماسة لأبي تمام ٢/ ١٧٣.

<<  <   >  >>