وقد نبه الإضمار المخاطب لتلقي الخبر المهم بعده، وهو أن عز المرء بعز مولاه، وذله بذله.
وقالت فاطمة بنت الأحجم الخزاعية تبكي زوجها - وقد تمثلت بهذا فاطمة الزهراء، أو عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنهما - يوم وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١):
يا عين بكى عند كل صباح ... جودى بأربعة على الجراح
قد كنت لي جبلاً ألوذ بظله ... فتركتني غرضاً بأجرد ضاح
قد كنت ذات حمية ما عدت لي ... أمشي البران وكنت أنت جناحي
بكى: أكثري من البكاء. بأربعة: تقصد مجاري الدمع إلى العين.
تقول: يا عيني: أكثر البكاء كل صباح على الجراح، واستنزلي الدموع الكثيرة عليه. قد كنت لي ملجأ أعتصم به، والآن تركتني غرضاً لسهام الأيام، وكنت في حياتك صاحبة عزة، أقطع الفلاة الواسعة وحيدة، لا أرهب أحداً يعترضني، إذ كنت قوتي وحصني، فأصبحت اليوم ذليلة خائفة ممن أرادني بسوء؛ ليس لي ما أدفع به ظالمي إلا كفى، وأعرض عن فالتي بسوء، لعلمي أن الذي كان حامي ذماري وحد رماحي قد انفصل عني.
والشاهد في الأبيات قولها:(أنه قد بان حد فوارسي ورماحي) فإن