للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشاعرة قد أتت بضمير الشأن لتنبه السامع إلى الخبر الذي ستوضحه بعده لأهميته، وهو أنه قد انفصل عنها من كان بمثابة فوارسها ورماحها.

وهذا يزيد بن الحكم الثقفي، يعظ ابنه بدراً (١).

يا بدر - والأمثال بضـ ... ربها لذي اللب الحكيم

دم الخليل بوده ... ما خير ود لا يدوم؟

واعرف لجارك حقه ... والحق يعرفه الكريم

وأعلم بأن الضيف ير ... ما سوف يحمد أو يلوم

والناس مبتنيان محـ ... مود البناية أو ذميم

وأعلم بني، فإنه ... بالعلم ينتفع العليم

يقول الشاعر لابنه: يا بدر - والأمثال لا تضرب إلا لذوي العقول الناضجة - إذا اخترت أحداً لصداقتك، فكن له خير صاحب، فإن الذي لا دوام لوده لا خير فيه، وعليك أن تعرف حق جارك، فإنه لا يعرف الحق إلا الكريم وأحسن إلى الضيف وقم بواجباته، فإنه سوف يجلب لك حمداً: أن أحسنت إليه وذماً إن قصرت في حقه، والناس صنفان: منهم من يحمد، ومنهم من يذم، وذلك موقوف على أخلاقهم وأحوالهم.

والشاهد في الأبيات قوله: (فإنه بالعلم ينتفع العليم) حيث أتى بضمير الشأن، ليفيه به المتلقي إلى أن الخبر الذي يأتي بعده مفسراً، من الأخبار الجليلة، وهو أن العلم ينفع صاحبه.


(١) ديوان الحماسة لأبي تمام ٢/ ٤١.

<<  <   >  >>