ودليت في زوراء يسقى ترابها ... على طويلاً في ذراها إقامتي
وقالوا: ألا لا يبعدن اختياله ... وصولته إذا القروم تسامت
وما البعد إلا إن يكون مغيباً ... عن الناس متى نجدتي وقسامتي
الهام: جمع هامة وهي الصدى: ما يكون من عظام الموتى على زعمهم ودليت: أنزلت. والزوراء: الحفرة المعوجة. وأراد بها اللحد، ويسفى: إهالة التراب عليه، والقروم: الفحول، وتسامت: تنازلت وتفاخرت، والقسامة: الحسن.
يقول: ليتني أعلم ما يقول مخارق بعد موتي عندما تجيب هامتي الهام التي يصاح بها، وأنزلت في حفرة معوجة يهال ترابها على مدة إقامتي في أهاليها طول الأمد، ودعوا لي بعدم البعد وهل البعد إلا هذا وقد فقدوا شجاعتي ونجدتي، وغاب عنهم شخصي؟ !
والشاهد في هذه الأبيات: أن الشاعر قد عبر عن نفسه بضمير الغائب في قوله (لا يبعدن اختياله وصولته) ثم التفت فعبر عن نفسه بضمير المتكلم في قوله: (نجدتي وقسامتي).
وذلك لأن العبارة الأولى تقال بعد موته، فناسب أن يتحدث عن نفسه بطريق الغيبة، والنجدة وحسن الوجه من الصفات التي يفتخر بها، فناسب أن يضيفها إلى نفسه، والفخر يناسبه الحديث عن النفس على طريق التكلم.