للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما من يريد أن يستخدم الأساليب الخبرية في أفقها الأرحب، فإن قصده يتعدد بتعدد المثيرات التي تدفعه إلى القول وتحثه عليه؛ وهذه المثيرات هي خواطر النفس وهواجسه، ولا يتصدى عاقل لحصرها.

ولكن يمكن أن يقال بوجه عام: إن غرض الشاعر بشعره في أغلب أحواله قد يكون الرغبة في إثارة انفعال مشابه لدى القارئ؛ فتحقق المشاركة النفسية والوجدانية؛ فيعيش القارئ طربه، إن كان طروباً، أو أساه، إن كان حزيناً، وفي هذه المشاركة متعة الشاعر وهدفه.

وقد يكون غرض الشاعر هو الشعر نفسه؛ أي: هو الدندنة الشعرية التي يتسلى بها حين يفرغ على قيثارته ألحان نفسه، والذي يعنيه أن يقول وليس يعنيه أن يسمع (١).

ولهذا فغن الخبر قد يخرج عن الغرضين الأساسيين، وهما: الفائدة، ولازم الفائدة، إلى أغراض أخرى يقصده البلغاء، وتتضح من سياق الكلام:

وذلك كإظهار الضعف في قول المسجاح بن سباع الضبي (٢):

لقد طوفت في الآفاق حتى ... بليت وقد أنى لي لو أبيد

وأفناني - ولا يغني - نهار ... وليل كلما يمضي يعود

وشهر مستهل بعد شهر ... وحول بعده حول جديد


(١) ... خصائص التراكيب ص ٤٦.
(٢) ... ديوان الحماسة لأبي تمام جـ ١، ص ٤٢٤.

<<  <   >  >>